الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الدكتور هاني سليمان: مصالح أمريكا ليست في دخول حرب شاملة مع إيران

الرئيس نيوز


استبعد الباحث في الشأن الإيراني، مدير تحرير مجلة آفاق سياسية،  المدير التنفيذ للمركز العربي للبحوث والدراسات، الدكتور هاني سليمان، حدوث مواجهة عسكرية بين ايران والولايات المتحدة الاميركية في منطقة الخليج العربي، مشدداً خلال حوار مع "الرئيس نيوز" على أن تلك التعزيزات العسكرية الأمريكية في المنطقة توحي شكلياً بقرب مواجهة عسكرية، غير أن هناك اعتبارات عديدة تؤكد أن ذلك التصعيد لن يبلغ هذا الحد؛ حيث أن الولايات المتحدة ليس من المجدي وفقاً لمصالحها دخول حرب شاملة مع طهران، والى نص الحوار:

هل تعتقد أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب السبب في حالة التصعيد في الخليج العربي بين إيران من جهة ودول الخليج العربي ومن خلفها الولايات المتحدة من جهة أخرى؟

ـ أحدث قدوم دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية انقلاباً على العديد من الثوابت والخطوط الرئيسية التي حكمت السياسة الخارجية الأمريكية طوال فترتي حكم الرئيس أوباما من جبهة الديمقراطيين؛ فقد أعاد ترامب ترتيب أولويات الملفات الهامة، وإعادة رسم سياسة خارجية جديدة من منطلق كاريزمي شخصي، وقد عمل ذلك على تغيير في مواقف الولايات المتحدة إزاء بعض الأمور، ما أفضى إلى خروجه من بعض الاتفاقيات الدولية مثل اتفاق المناخ، واتفاق الأسلحة التقليدية، وأيضاً الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم في 2015.

ما السبب الرئيسي في حالة التصعيد بين طهران وواشنطن؟

ـ إعلان ترامب رفض الاتفاق الذي أبرمه الديمقراطيون هو بداية خط التصعيد، حيث رأى أن ذلك الاتفاق يخدم إيران أكثر من أي طرف، حيث أنه يرى أن "الديمقراطيين أعطوا إيران 150 مليار دولار مقابل لا شئ"، وقد ساعد في اتخاذ ذلك الخط التصعيدي، وجود أطراف مؤثرة في إدارة الرئيس ترامب ممن لهم مواقف حادة إزاء ذلك الملف تحديداً، ومنهم مايك بومبيو وزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي جون بولتون.

هل للتحولات الاقليمية دور في هذا التصعيد من قبل الادارة الاميركية؟

ـ لعبت التحولات الإقليمية بعد 2011، دوراً مهماً في بناء وضع جديد، كرس من نفوذ إيران في المنطقة، بحيث رأى ترامب مع قدومه للحكم، أن الاتفاق النووي فقد غرضه الرئيسي، حيث أنه كان محاولة لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي لتحجيم نفوذها، غير أنه وجد أن طهران وظفت الاتفاق النووي لشرعنة نفوذها وتحركاتها على اعتبار عقد اتفاق مع القوى الكبرى في العالم، وتحييد الدول الأوروبية، بحيث أصبح ذلك مسوغاً لها لتنطلق في نشر نفوذها وميليشياتها في المنطقة؛ من خلال زيادة القوات والتحرك في سوريا والسعي إلى عمل تغيير ديمغرافي على الأرض، وما أفادته تقارير بإنشاء "حزب الله" جديد في سوريا من خلال استقطاب وتجنيد سوريين على أسس طائفية، ونشاط قوات "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري والقيام بمناوشات على الحدود الإسرائيلية والجولان، ما يشكل خطر تطويق لإسرائيل إلى جانب حزب الله في لبنان، علاوة على تعطيل استكمال مؤسسات الدولة في لبنان، والسيطرة على النخبة السياسية في العراق والمساعدة في تصدير نمط "الحرس الثوري" عبر  انشاء الحشد الشعبي بشكل غير مباشر، مروراً بمجمل الانتهاكات الموجودة في اليمن عبر دعم جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالصواريخ والأسلحة التي تقذف بها المملكة العربية السعودية وتهدد أمنها القومي، الأمر الذي تكرر غير مرة، وتأكدت مسئولية طهران عن تلك الأسلحة من خلال رصد انتهاك 13 سفينة إيرانية للمياه الإقليمية اليمنية، خلال آخر ثلاث سنوات ومحملة بأسلحة، قرب أرخبيل سقطري.

علاوة على وجود سفينة سافيز الإيرانية التي تمارس أنشطة مشبوهة واستخباراتية قرب أرخبيل دهلك الاريتري، وأيضاً تدريبات للحرس الثوري في منطقة كيش، وتلغيم الممرات البحرية الحيوية وتهديد التجارة والحركة في "مضيق هرمز"، ما حدث في 25 يوليو 2018 من استهداف سفن سعودية وإماراتية، وتكرر مؤخراً من استهداف 4 سفن اثنتان منها تابعة للمملكة العربية السعودية، قرب ميناء الفجيرة الحيوي، واستهداف مضختي نفط سعوديتين، فضلاً عن التحرش بالسفن والمصالح الأمريكية من وقت لآخر. كل تلك التفاصيل وغيرها هي رسائل مقلقة للغاية، بالنسبة للدول العربية، ولدول الخليج تحديداً، وبالنسبة للمصالح الأمريكية، الأمر الذي أدى إلى تصعيد من خلال فرض العقوبات الاقتصادية على قطاعات حيوية لتقليم أظافر إيران وتجريدها من أدواتها، وقدراتها على تمويل تلك الميليشيات، ثم إرسال حاملة الطائرات ابراهام لينكولن والمستشفى البحري ميرسي كلاس، وقاذفات بي 52، وإف 35، وإرسال 1500 جندي خاص للمنطقة، لمواجهة أي تصعيد من جانب إيران أو استهدافها لمصالح أمريكية، كما أن دعوة الملك سلمان لقمتين عربية وإسلامية، هي تأكيد على ما بلغه التهديد الإيراني للدول العربية ككل، وضرورة التعاطي مع تلك التهديدات، واتخاذ إجراءات رادعة.

هل تتوقع مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران؟

ـ كل تلك التعزيزات تبدو مقلقة للغاية، وتوحي شكلياً بقرب مواجهة عسكرية مباشرة، غير أن هناك اعتبارات عديدة تؤكد أن ذلك التصعيد لن يبلغ هذا الحد؛ حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس من المجدي وفقاً لمصالحها دخول حرب شاملة مع طهران، خاصة أنها ستفتح جبهة كبيرة لنوع من "حرب العصابات" من خلال ميليشيات طهران في المنطقة، خاصة مع وجود 2000 جندي أمريكي في سوريا، و5200 جندي في العراق، و14000 جندي في أفغانستان، و1800 جندي في قاعدة أمريكية قريبة، وهي الرسالة التي أرادت طهران إيصالها بإطلاق صاروخ على المنطقة الخضراء بالقرب من السفارة الأمريكية، علاوة على وجود ضغط شديد من الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي والمطالبة بجلسة استماع ورفض استئثار ترامب بالمعلومات المهمة حول الملف الإيراني، خاصة مع حديثه عن وجود تقارير تؤكد وجود خطط إيرانية وتهديدات جدية، وهو ما يواجَه بأن التصعيد مع طهران حيلة من ترامب للهروب من سيناريو العزل. أضف إلى ذلك رفض غالبية الشعب الأمريكي لفكرة فتح جبهات جديدة أو تورط الجنود في معارك على نمط الخبرة السيئة في أفغانستان والعراق، ومن قبل في فيتنام، وبرغم ارتفاع سقف ولهجة التصريحات الاستفزازية والعدائية والحديث عن حرب، لكن الأمور لا تخلو من رسائل تعكس فرص التفاوض أو التهدئة النوعية من خلال حديث بومبيو وترامب أنهم لا يريدون تغيير النظام، وأن ترامب ينتظر اتصال الإيرانيين به