السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف باع "العز بن عبدالسلام" أمراء مصر في مزاد علني؟

الرئيس نيوز

هل تعلم أن أمراء مصر من المماليك بيعوا بالكامل في مزاد علني في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب؟

نعم حدث ذلك في عام 639 هـ 1241 م. وفي السطور التالية نحكي القصة من كتاب "هوامش المقريزي" للكاتب الراحل صلاح عيسى.

كان السلطان نجم الدين أيوب اشترى عددا كبيرا من المماليك وولاّهم على بعض الأقاليم، فتحكموا في أمور البلاد ، وبطشوا بالمصريين.

تزامن ذلك مع قدوم الشيخ العز بن عبد السلام من الشام إلى مصر، وكان يحظى بتقدير وإجلال بالغ من الملك الصالح ومن باقي القضاة وعلماء الدين، فولاه "نجم الدين" قضاء مصر والوجه القبلي، وبدأ الشيخ يطبق مبدأ "كلمة الحق لا سلطة القوة هي الفاصلة بين الحاكم والمحكومين".

يسرد صلاح عيسى: "عندما زادت مظالم أمراء المماليك، بحث الشيخ عبد السلام الأمر فقهيا، وخرج بفكرة غريبة تقول: أن هؤلاء المماليك أرقاء للشعب المصري، ذلك أن السلطان قد اشتراهم بمال الدولة، وما زال حكم الرق ساريا عليهم فيحق لبيت مال المسلمين أن يبيعهم إذا ما شكى نقصا في موارده، واحتاج لثمنهم يسد به مطالب المسلمين، وكتب الشيخ فتوى بهذا المعنى، وانتهى إلى ضرورة بيعهم وصرف ثمنهم في وجوه الخير ومصالح الأمة".

كانت فتوى العز بن عبد السلام شجاعة وغريبة ومدوية، إذ ثار الأمراء عليها، وحاولوا بكل الطرق التي وصلت إلى التفكير في القتل، إثناء الشيخ عما قاله، لكنه أصر على فتواه، وتأزمت الأمور، فسئل "العز" عن الحل فقال: "سأعلن بيع الأمراء في المزاد".

هكذا أكمل قاضي مصر تحديه للأمراء المماليك، فدع إلى مجلس كبير حضره السلطان نجم الدين أيوب والأمراء وكبار رجال السلطة، وبدأ المزاد بالفعل: "أخذ قاضي القضاة ينادي عليهم واحدا تلو الآخر، ويغالي في ثمنهم، لأنهم أمراء يزعمون أنهم ملوك الأرض، ويتحكمون في شعب اشتراهم بأمواله، فظنوا أنهم اشتروه بأموالهم".

هل تتخيل ما حدث بعدها؟

تقدم نجم الدين أيوب واشترى رجاله مرة ثانية، ودفع فيهم أضعاف الثمن الذي اشتراهم به، "وقبض الشيخ عز الدين بن عبد السلام المال، وأعتق الأمراء. أما الثمن فقد صرفه الشيخ على وجوه الخير، ومصالح المسلمين".