أظهر صلابة المركز المالي.. "المركزي" يُصدر تقرير الاستقرار مارس 2025
أظهر تقرير الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي المصري في أكتوبر 2025 استمرار النظام المالي المصري – بمكونيه المصرفي وغير المصرفي – في أداء دوره في القيام بالوساطة المالية خلال العام المالي 2024 وحتى الربع الأول من عام 2025، من خلال توفير التمويل اللازم لكافة القطاعات وتقديم المنتجات المالية المتنوعة، بالاعتماد على ودائع القطاع العائلي المستقرة كمصدر أساسي للتمويل.
وينعكس ذلك في مؤشر الاستقرار المالي الذي حقق ارتفاعًا ملحوظًا، مدفوعًا بالتحسن في كافة مؤشراته الفرعية، في ضوء استقرار سعر الصرف ونجاح السياسة النقدية في احتواء الضغوط التضخمية وجذب مستويات غير مسبوقة من الاستثمارات الأجنبية.
وسلّط التقرير الضوء على استمرار القطاع المصرفي في توفير التمويل بالعملة الأجنبية، مع انخفاض احتمالية تعرضه للمخاطر النظامية المتعلقة بالخروج المفاجئ لرؤوس الأموال الأجنبية. ويأتي ذلك في ضوء وفرة النقد الأجنبي داخل القطاع المصرفي، نتيجة ارتفاع الصادرات غير البترولية، والإيرادات السياحية، وتحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة طويلة الأجل، ما انعكس في التحسن بصافي الاحتياطيات الدولية بالعملة الأجنبية ليصل إلى 47.8 مليار دولار في مارس 2025، ليستمر في تغطية الدين الخارجي قصير الأجل بصورة كافية، وأكثر من ستة أشهر من الواردات السلعية.
وأشار التقرير إلى نجاح البنك المركزي في تعزيز بيئة الائتمان، واستمرار التنسيق بين السياسات الاقتصادية – المالية والنقدية – والسياسة الاحترازية الكلية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي. وقد أبقت السياسة الاحترازية على الحد الأقصى لنسبة إجمالي أقساط القروض لأغراض استهلاكية عند 50٪ من مجموع الدخل الشهري، متضمنة أقساط القروض العقارية عند نسبة 40٪ من مجموع الدخل الشهري.
وأوضح التقرير أن القطاع المصرفي استمر في توفير التمويل اللازم للقطاع الخاص دون الإسراف في المخاطرة، وذلك في ضوء نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 4.2٪ خلال الفترة يوليو–مارس 2024/2025 مقابل 2.3٪ خلال فترة المقارنة، مدفوعًا بالتحسن في أداء العديد من القطاعات الاقتصادية، ومنها الصناعات التحويلية.
وكشف التقرير عن انخفاض احتمالية تكوّن المخاطر النظامية الخاصة باضطرابات أداء المالية العامة، حيث واصلت الحكومة تحقيق مستهدفات الضبط المالي، بالإضافة إلى تنويع مصادر التمويل من خلال إصدار أدوات جديدة في السوق المحلي، مع انخفاض نصيب الأوراق المالية الحكومية كنسبة من إجمالي أصول القطاع المصرفي، تزامنًا مع ارتفاع حصة المستثمرين الأجانب في سوق أذون الخزانة المحلية لتصل إلى 44.7٪ في مارس 2025، فضلًا عن تنوع قاعدة المستثمرين المحليين.
وأشاد التقرير بقدرة القطاع المصرفي على مواجهة وامتصاص العديد من الصدمات في الآونة الأخيرة واحتواء تداعياتها، ما ساهم في استمرار ثقة المتعاملين معه، حيث سجلت الودائع نموًّا بمعدل 25.3٪ في مارس 2025، معتمدة على الودائع المستقرة للقطاع العائلي. كما حقق إجمالي أصول القطاع المصرفي نموًا بمعدل 45.8٪، ليمثل 93.5٪ من إجمالي أصول النظام المالي و125.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في العام المالي 2024.
وأوضح التقرير أن الأداء الجيد للقطاع المصرفي جاء مدعومًا بالسياسات الاحترازية للبنك المركزي، مما انعكس إيجابيًا على مؤشرات السلامة المالية لتتجاوز المتطلبات الرقابية للبنك المركزي المصري ولجنة بازل، والمتمثلة في مستوى مرتفع للملاءة المالية بنسبة كفاية رأس مال بلغت 18.3٪ في مارس 2025 مقارنة بمستوى 12.5٪ كحد رقابي مقرر من قبل البنك المركزي، ومستويات مرتفعة من السيولة بالعملة المحلية والأجنبية التي سجلت 37.1٪ و73.7٪ في مارس 2025، مقابل حد رقابي 20٪ و25٪ على التوالي، بالإضافة إلى مستوى مرتفع للربحية، حيث ارتفع العائد على متوسط الأصول والعائد على متوسط حقوق المساهمين ليصلا إلى 2.6٪ و39٪ في العام المالي 2024 على التوالي.
كما أوضح التقرير أن القطاع المالي غير المصرفي قد ساهم في استحداث منتجات وخدمات مالية جديدة، مع تطبيق معايير بازل 3 للأنشطة التمويلية غير المصرفية بهدف تعزيز قدرة الشركات على مواجهة المخاطر المالية المختلفة.
وشهدت أصول القطاع نموًا كبيرًا بمعدل 22.7٪ في العام المالي 2024، لتمثل 6.5٪ من إجمالي أصول النظام المالي، و8.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. كما نجحت البورصة المصرية في جذب المزيد من المستثمرين، وحقق مؤشر السوق الرئيسي EGX30 نموًا بمعدل 19.5٪ في عام 2024 مقارنة بالعام السابق، واستمر في النمو حتى مارس 2025.
وأكد التقرير أن اختبارات الضغوط التي أجراها البنك المركزي بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية على القطاعين المصرفي وغير المصرفي، أظهرت قوة النظام المالي المصري وتعرضه لمستوى منخفض أو متوسط من مخاطر الملاءة المالية والسيولة، وذلك في ظل افتراض ظروف اقتصادية ومالية وبيئية وجيوسياسية معاكسة، وهو ما يؤكد فعالية السياسات الاحترازية الكلية للبنك المركزي والهيئة في تعزيز الاستقرار المالي.
ويولي البنك المركزي أهمية كبيرة لـ الشمول المالي، حيث واصل معدل الشمول المالي اتجاهه الصعودي ليسجل 74.5٪ في مارس 2025. وعلى صعيد التحول الرقمي، حققت حسابات محافظ الهاتف المحمول زيادة سنوية بمعدل 26٪ في مارس 2025، مدفوعة بكفاءة وسلامة الحلول الرقمية. وأكد التقرير أن البنك المركزي المصري اتخذ خطوات فعّالة لترسيخ مبادئ حماية حقوق العملاء وتعزيز ثقتهم في القطاع المصرفي، بما يساهم في تحقيق الاستقرار المالي.
ويُثقل هذا التقرير بالإطار التنظيمي للسياسة الاحترازية الكلية الخاصة بالبنك المركزي المصري، والذي يُنشر لأول مرة. ويأتي ذلك في ضوء تزايد أهمية دور السياسة الاحترازية الكلية في الحفاظ على الاستقرار المالي، حيث إن نشر إطار السياسة يُعد خطوة نحو المزيد من الشفافية فيما يخص أهداف وتدخلات السياسة، بما يسهم في تعزيز التنسيق بين السياسات المختلفة، وزيادة وعي المؤسسات والعملاء الماليين، وتوجيه توقعاتهم، وتعزيز الاستقرار المالي في مصر.