الأحد 14 ديسمبر 2025 الموافق 23 جمادى الثانية 1447
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

أمريكا: ضم إسرائيل للضفة الغربية قد يهدد اتفاق السلام في غزة

الرئيس نيوز

أشعلت حكومة الاحتلال الإسرائيلية موجة غضب دولية جديدة بعدما دفعت بمشروع قانون لضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها أخطر تحدٍّ لاتفاقات السلام منذ سنوات. واعتبر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن هذا التحرك «يضرب جهود الاستقرار في غزة في مقتل»، مؤكدًا في تصريحات نقلتها رويترز أن أي تغيير في الوضع القانوني للضفة «سيهدد الهدنة الهشة التي ترعاها واشنطن».

وحذّر روبيو من أن الخطوة الإسرائيلية ستقلب موازين المنطقة وتفتح الباب أمام تصعيد واسع، مؤكدًا أن الولايات المتحدة «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولة فرض أمر واقع جديد». 

وأوضحت صحيفة الجارديان أن الإدارة الأمريكية تخشى أن يؤدي الضم إلى نسف جهود إعادة الإعمار في غزة، التي تعتمد على تنسيق دقيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأمم المتحدة.

وتواصل واشنطن الضغط الدبلوماسي على تل أبيب خلال الأيام الماضية، ووجّهت رسائل تحذير عبر القنوات الأمنية والعسكرية. وأكد مسؤولون أمريكيون – وفق ما نقلته أسوشيتد برس – أن أي ضم رسمي «سيضع العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في اختبار حقيقي». وأشاروا إلى أن البيت الأبيض يسعى لإقناع الحكومة الإسرائيلية بتجميد المشروع مقابل حزمة دعم أمني واقتصادي جديدة.

وكثّفت العواصم العربية بدورها تحركاتها لتفادي انفجار جديد. وأكدت فرانس برس أن القاهرة دعت إلى اجتماع طارئ لبحث التطورات، محذّرة من أن ضم الضفة سيقوّض كل ما تحقق من تفاهمات لتهدئة الجبهة في غزة. وشددت مصادر مصرية على أن استمرار التصعيد الإسرائيلي يهدد الأمن الإقليمي ويفتح الباب أمام موجات نزوح جديدة باتجاه الحدود المصرية.

وأعادت الحكومة الفلسطينية التأكيد على رفضها القاطع لأي خطوة أحادية، واعتبرت في بيان رسمي أن ضمّ الضفة «إعلان وفاة نهائي لاتفاق أوسلو». وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح ضد ما وصفته بـ«الاحتلال الزاحف». وأشارت تقارير فاينانشال تايمز إلى أن القيادة الفلسطينية بدأت التنسيق مع عواصم أوروبية للضغط على تل أبيب عبر مجلس الأمن.

وحذّر باحثون في مركز دراسات مقرب من الكونجرس – نقلت عنهم واشنطن بوست – من أن حكومة اليمين الإسرائيلي تستخدم الضم كأداة سياسية لتعزيز موقعها الداخلي قبل أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين. وأكد التقرير أن «تل أبيب تراهن على الوقت لتثبيت واقع جغرافي يصعب التراجع عنه».

وأدانت حركات المقاومة الفلسطينية في غزة المشروع الإسرائيلي، واعتبرت أن التحذيرات الأمريكية «تأتي متأخرة جدًا». وأكدت أن أي ضم جديد سيُقابل بتصعيد ميداني مباشر، معتبرة أن إسرائيل «تسعى لإعادة خلط الأوراق بعد فشلها في فرض ترتيبات أمنية مستقرة».

من جهة أخرى، أبدت عواصم أوروبية رئيسية مثل باريس وبرلين ولندن قلقها العميق من الخطوة الإسرائيلية. وأشارت بيانات رسمية نقلتها بي بي سي نيوز أور إلى أن هذه الدول دعت إسرائيل إلى احترام القانون الدولي ووقف أي أعمال أحادية «قد تجر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة».

وتكشف هذه التطورات عن تصدّع جديد في مسار السلام الذي حاولت واشنطن ترميمه عقب الحرب على غزة. وتؤكد المؤشرات أن أي تصعيد ميداني في الضفة سيؤثر مباشرة على اتفاق الهدنة، وسينعكس على الموقف العربي الذي يراقب الموقف الإسرائيلي بقلق متزايد. ويرى مراقبون أن اختبار الضفة الغربية اليوم لا يقل خطورة عن حرب غزة نفسها، إذ يحدد ما إذا كانت المنطقة تتجه إلى تسوية شاملة أم إلى دورة جديدة من الفوضى.

ويرى مراقبون أن مشروع ضمّ الضفة الغربية يمكن أن يشكّل اختبارًا جديدًا للعلاقة بين واشنطن وتل أبيب، شبيهًا بما حدث في أزمات سابقة مثل حرب لبنان عام 1982 أو الانتفاضة الثانية عام 2000. فالإدارة الأمريكية تجد نفسها مجددًا أمام معادلة دقيقة: إما حماية تحالفها التقليدي مع إسرائيل، أو الحفاظ على مصداقيتها كوسيط يسعى إلى سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.