الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

العالم يستعد لانتقام داعش.. تطوير خطط مكافحة الإرهاب السلاح الأبرز

الرئيس نيوز

دعاية داعش تتعمد إثارة الرعب بالعنف المفرط.. والذئاب المنفردة تمثل تحديًا أمام جهود مكافحة الإرهاب بالطرق التقليدية وتفرض الاختيار بين سيء وأسوأ

تتحسب جميع أجهزة المخابرات والأمن في العالم لاحتمال وقوع هجمات إرهابية تزامنًا مع الاحتفال بالأعياد والمناسبات العامة، فموجة التفجيرات التي وقعت في سريلانكا يوم عيد الفصح حصدت أرواح حوالي 253 شخصًا، وفقًا لأحدث تقرير، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها غير المسلمين في الأيام المقدسة، ولن تكون الأخيرة. 

لكن الكاتب الأمريكي "شيراز ماهر" رصد في مقاله المنشور بمجلة نيوستيتمان البريطانية مجموعة أسباب تجعل التنظيمات الإرهابية بشكل عام، وتنظيم داعش، بشكل خاص، يميلون إلى تنفيذ الجرائم الأكثر دموية، فلا يكتفون بإثارة الغضب من خلال هجوم إرهابي مفرد – فالتنظيم يتعمد أن يكون فعله الإرهابي الإجرامي بمثابة اعتداءً على الأعراف السائدة، بل اعتداء على "حق الإنسان في الحياة". وتعرف هذه الاستراتيجية باسم "الدعاية القائمة على الفعل"، حيث يُستثمر فعل ما بتضخيمه لأقصى مدى ليكون بمثابة نموذج مثالي أو محفز للآخرين.
كانت رغبة تنظيم داعش في التسبب في أقصى قدر من الاشمئزاز واضحة في سياق الاستعباد الجنسي للنساء الأيزيديات. ودأب التنظيم الإرهابي على اتباع استراتيجية الصدمة من أجل تدمير "المنطقة الرمادية" – وهو الاسم الذي يطلقه الدواعش على الهويات التي يعتبرها بين بين في المجتمع الحديث. فبالنسبة لداعش، يجب أن يوجد العالم في صيغة ثنائية خالصة فإما أن يكون الفرد مسلمًا أو كافرًا: انقسام صارخ بين المسلمين المتدينين والجميع. وهذا يفسر الأساس المنطقي لمذبحة سريلانكا، فقد جاءت هذه التفجيرات لتحقق أهداف ذات شقين: ترهيب المخالفين وإلهام المؤيدين، أو ما اصطلح على تسميتهم الذئاب المنفردة وهي بذلك تشكل جزءًا من نظرة عالمية أكثر عدمية وقائمة على حسابات متعمقة لرد الفعل.

تم تأكيد ذلك كثيرًا في مقطع فيديو جديد أصدره تنظيم داعش الإرهابي الأسبوع الماضي، في 29 أبريل، ويظهر الإرهابي أبو بكر البغدادي الذي أوضح أن هجمات سريلانكا كانت "انتقاما" لفقدان مدينة باغوز السورية، معقل التنظيم الأخير، ولم يأت على ذكر نيوزيلاندا، لذلك فحسابات التنظيم للعمليات بنيت على أساس استهداف ضحايا إما بسبب جنسيتهم أو لأنهم يشتركون في نفس الإيمان الذي يتمتع به بعض البلدان التي شكلت التحالف العسكري ضد داعش. وهذا يفسر أيضًا سبب اختيار الفنادق البارزة، حيث يرغب داعش في الوصول إلى أهداف يعرف مسبقًا أن السياح من الدول الغربية سوف يترددون عليها. لا ينبغي التقليل من أهمية ظهور البغدادي أو تعليقاته، فهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها منذ إعلانه الدراماتيكي عن الخلافة في يونيو 2014.
لم يكن الغرض من الهجمات في سريلانكا مستقلاً عن غيره من الأحداث، فقد حاول تنظيم داعش مهاجمة منشآت تابعة لأمن الدولة في مدينة الزلفي السعودية، مما عزز طموحه لضرب أهداف متعددة في بلدان مختلفة خلا نفس اليوم. هناك دائمًا نقاش حول صحة مزاعم داعش بأنها وراء الهجمات التي تقع هنا أو هناك، ومع ذلك هناك رأي مفاده أن داعش سوف تدعي مسؤوليتها عن أي هجوم أو كارثة من أجل إبراز القوة. ومع ذلك ، فإن المثال الوحيد الواضح لهذه الاستراتيجية جاء بعد إطلاق النار في لاس فيجاس في عام 2017 - والذي قتل فيه مسلح 58 شخصًا - عندما أعلنت الجماعة تورطها على الرغم من عدم وجود صلة لها بالجاني. لقد انتهز تنظيم داعش أيضًا فرصًا أخرى لإعلان مسؤوليته عن وقوع وفيات، فعلى سبيل المثال أعلن مسؤوليته عن وفيات حادث تحطم طائرة تابعة لشركة مصر للطيران في البحر الأبيض المتوسط في عام 2016 (على الرغم من وجود مؤشرات قوية ترجح وقوع الحادث بسبب عطل ميكانيكي).
ولفت "شيراز ماهر" إلى أن العالم كاد ينسى تنظيم القاعدة إلى حد كبير مع انتشار تنظيمات جديدة في الشام وشمال إفريقيا والقرن الأفريقي. وهذا سياق مهم في فهم سياسة العنف المفرط التي يتبعها تنظيم داعش. ورصد الكاتب دعوة القاعدة إلى الانتقام رداً على الهجوم الإرهابي في كرايستشيرش، نيوزييلاندا، لكن تنظيم القاعدة نصح مؤيديه بوضوح بعدم استهداف الكنائس. وبالمثل، عندما هاجم مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة مكاتب تشارلي إبدو في عام 2015، لم يذبحوا جميع أفراد طاقم العمل، بل استهدفوا فقط أولئك الذين يُعتبرون مسؤولين عن "الإساءة" للنبي صلى الله عليه وسلم. وقالت تقارير صحفية إن أحد المسلحين قال لأفراد آخرين من موظفي المجلة الفرنسية: "لا تخف، اهدأ.. في أعقاب الهجوم، وتمكن تنظيم القاعدة وقتها من الادعاء بأنه "انتقم" للنبي. والفارق بين داعش والقاعدة يكمن في أن تنظيم القاعدة يقدم نفسه كحركة مقاتلة "صالحة" تدافع عن المصالح الإسلامية ولكن بمسؤولية. ورسائله توحي بأن المتطرفين "الحقيقيين" هم المنتمون لداعش.  
هذا مهم لأنه عندما تصبح الحركة الجهادية مجزأة بشكل متزايد، سيتعين على المجموعات التنافس على الاستحواذ على مجندين. وفي هذا المجال، أظهر تنظيم داعش نجاحا ملحوظا،  منذ عام 2014، فجند عددًا غير مسبوق من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما حفزهم على التصرف بطرق همجية وبربرية. بحلول نهاية عام 2015 ، نجح تنظيم داعش في خلق شعور واضح بالخوف في معظم العواصم الأوروبية التي لم تتمكن القاعدة من تحقيقها أبدًا - حتى في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.