السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"وبّخه" الخليفة بسبب المنبر.. قصة "جامع عمرو" دُرّة مساجد القاهرة في رمضان

الرئيس نيوز

بناه "ابن العاص" بعد منزله بالفسطاط.. وهُدم بعد 25 سنة من إنشائه.. و"مراد" بك أصلحه قبل الحملة الفرنسية

يمكننا أن نعتبره درّة المساجد المصرية في شهر رمضان، ربما لا عجب في ذلك لأنه أول مسجد بني في المحروسة منذ أن دخلها عمرو بن العاص حاملا معه ديانة الإسلام إلى هنا.

إنه "جامع عمرو" في منطقة مصر القديمة، الذي يشهد صلاة تراويح خاصة وروحانية للغاية طوال أيام الشهر الفضيل.

بُني المسجد الشهير بعد دخول عمرو بن العاص مصر، في عام 641 هجرية، لكنه لم يكن على حالته التي نشاهدها حاليا عند بنائه.

في السطور التالية نستعرض قصة مسجد عمرو، الذي لم يكن اسمه أو بنيانه هكذا في البداية.

في كتابه الشهير "سيرة القاهرة"، يؤرخ المستشرق الإنجليزي المتخصص في أحوال مصر والشرق، ستانلي لين بول، لسيرة المسجد فيقول إن عمر بن العاص عندما بنى مدينة الفسطاط، اختط لنفسه منزلا في وسطها، ثم بنى بجواره المسجد.

ويضيف "بول": "هو أول مسجد أقيم في مصر وهو جامع الفتح، وتاج الجوامع كما أطلق عليه العرب من قبيل المباهاة والفخر. غير أنه لم يلبث أن أطلق عليه اسم الجامع العتيق، ويسمى الآن جامع عمرو".

إذن حمل المسجد ثلاثة أسماء من قبل، لكن ماذا عن شكله ومساحته؟

يكمل المستشرق الإنجليزي: "كان هذا الجامع أولا عبارة عن غرفة مسطحة مستطيلة جدا طولها نحو 200 قدما وعرضها 56 قدما، وقد بنى من الأحجار الخشنة الملساء. وكان سقفه منخفضا جدا أقيم على عدة أعمدة وتتخلله بعض الثقوب لدخول الضوء"، مشيرا إلى أنه "لم تكن هناك للمسجد مئذنة أو مقصورة للصلاة. كذلك لم يكن هناك زينة أو أفاريز في الخارج".

المنبر الأول الذي بناه عمر بن العاص للمسجد أزيل بتوصية من الخليفة عمر بن الخطاب الذي أرسل موبخًا واليه: "أما بحسبك أن تقوم قائما والمسلمون جلوس عند عقبيك؟".

في تلك الأيام الأولى للإسلام في مصر، "كان من واجب الفاتح أن يؤم الناس في الصلاة ويلقي خطبة الجمعة في ذلك المكان المتواضع الذي لم يلبث أن أصبح صغيرا جدا بالنسبة لأهل الفسطاط الذين أخذ يزداد عددهم، ما أدى إلى زيادته في سنة 673 م بأن ضُم إليه جزء من دار عمرو. وفي الوقت نفسه أقيمت فيه بضعة أعمدة في الأركان - وهذه هي نواة المآذن - ليؤذن المؤذنون من فوقها".

لكن الغريب أنه "بعد خمس وعشرين سنة هدم أحد أمراء مصر هذا المسجد عن آخره وأعاد بناءه بعد أن وسعه"، ولا يتضح لنا سبب الإقدام على التخلص من البنيان الأصلي للمسجد، هل بغرض التجديد فقط أم لأسباب أخرى.

لكن في العموم، يؤكد "لين بول" أنه "كان من أثر الإصلاحات الكثيرة وتجديد المباني، انه لم يبق هناك الآن قدم واحدة من البناء الأصلي".

بناءً على ذلك، ما المسجد الذي نراه حاليا؟ يجيب المؤرخ الشهير: "في الواقع أن ذلك المسجد هو الذي أعاد بناءه عبد الله بن طاهر في سنة 727م، ثم أصلحه مراد بك في سنة 1798 قبل أن يشتبك مع الفرنسيين في معركة إمبابة"، مشيرا إلى أن مساحته اليوم أربعة أمثال مساحته الأصلية.