الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

صنع في إفريقيا.. القارة السمراء تستطيع أن تكون "صين جديدة"

الرئيس نيوز

على صفحات "الفاينانشيال تايمز" البريطانية، قال "باسل الباز" مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "كربون هولدنجز" إنه يمتلك الجرأة الكافية ليتوقع، أنه في غضون 50 عامًا من اليوم، ستكون علامة "صنع في أفريقيا" في جميع أنحاء العالم مثل "صنع في الصين" اليوم على جميع السلع التي تستخدم يوميًا والتي تباع في بريطانيا مثل الملابس والمناشف وأجهزة التلفزيون. واضاف الباز "في الحقيقة، سأذهب لأبعد من ذلك: المنتجات الأفريقية ستحل محل العديد من العناصر التي تصنعها اليوم الشركات الصينية".

ودافع البازعن توقعاته قائلاً: "هذا سيناريو لا يبدو مستبعدًا ، فانظر إلى حبات الماس بداخل صندوق المجوهرات الخاص بإحدى النساء، أو إن شئت تناول بيدك كيس القهوة الكينية أو زجاجة نبيذ الكابيرنيت القادمة من جنوب أفريقيا، فإن العديد من البريطانيين سيجدون صعوبة في العثور على منتج لم يصنع في أفريقيا في منازلهم. لكن أفريقيا، بما لها من تاريخ متقلب مع التنمية الصناعية، أصبحت اليوم على أعتاب نمو اقتصادي حقيقي ومثير للدهشة.

وعلى مدار السنوات الـ 15 الماضية، تمتعت معظم البلدان الأفريقية بنمو اقتصادي مطرد، وفي بعض الحالات بمعدلات نمو سنوية تزيد عن 5 في المائة، مدعومة بارتفاع أسعار السلع الأساسية، وفوائض الميزانية، والاستثمار الأجنبي المباشر وعدد أقل من الصراعات السياسية مقارنة بالماضي الأفريقي المضطرب. وتزدهر قطاعات الخدمات في جميع أنحاء القارة السمراء، في حين أن طفرة الاتصالات السلكية واللاسلكية - مدفوعة باستخدام الهواتف الذكية، في منطقة كانت فيها الخطوط الأرضية قليلة، مع انتشار الإنترنت - تلعب أيضًا دورًا مهمًا في تنمية القارة، وكذلك قطاع الخدمات المالية النابض بالحياة.

ومع ذلك ، يوجد 28 من أفقر بلدان العالم في أفريقيا. يعيش نصف سكانها تحت خط الفقر، دون الحصول على حقوق الإنسان الأساسية مثل الغذاء والمياه النظيفة والسكن المناسب، بينما أربعة من كل عشرة يعانون من الأمية.

يبلغ إجمالي الناتج المحلي للفرد فقط 1770 دولارًا، أي حوالي ربع الناتج في آسيا.

ومع كثرة الحديث عن التحول المستدام، تدرس الدول الأفريقية  نهجا جديدا جذريا من شأنه أن ينتشل نحو نصف مليار شخص من الفقر وأن يوفر 100 مليون وظيفة، لكنه اقتصاد صناعي. سيكون التصنيع الذي تقوده الصادرات هو مفتاح نجاح إفريقيا، تمامًا كما حولت ثروات الدول الآسيوية، وخاصة الصين، في العقود الماضية. واليوم ، يساهم قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 9 في المائة فقط في الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا، مقابل 17 في المائة للقطاع الزراعي. كما أنه يمثل أقل من 2 في المائة من إجمالي التصنيع العالمي، مما يشير إلى وجود فرص هائلة للتطوير. وضع الاتحاد الأفريقي قطاع الصناعات التحويلية في قلب "أجندة 2063" الخاصة به، وهو إطار استراتيجي للتحول الاجتماعي والاقتصادي للقارة على مدى السنوات الخمسين المقبلة، والذي يحظى بموافقة ودعم كامل من جميع الدول الـ 55. إنها أجندة كانت ، حسب كلماتها ، مدفوعة "بأصوات الشعوب الأفريقية التي تشير إلى أفريقيا التي يريدونها".

وبالمثل ، فإن إطلاق منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية في العام الماضي يوفر سوقًا واحدًا للسلع والخدمات. يسمح للشركات المملوكة للأفارقة بدخول أسواق جديدة، وتوسيع قواعد عملائها، وربما نطاقات المنتجات. يتوقع الكثيرون أن هذا سيكون بمثابة حافز للاستثمار في البنية التحتية عبر الحدود التي تشتد الحاجة إليها، وخلق فرص العمل وتطوير الخبرة المحلية في المشاريع الهندسية.

ويوجد احتمال قوي بانطلاق مبادرات أفريقية وطنية لتحفيز الأسواق الكبيرة للاستثمار. لكن يتعين على الحكومات الإفريقية أن تلعب دورها: عن طريق وضع السياسات الجديدة اللازمة للمساعدة في بناء قدرات الشركات المحلية وتعزيز التجمعات الصناعية. (على سبيل المثال ، عرضت الحكومات الآسيوية إعفاءات ضريبية وإعانات وعقود مخصصة للشركات ذات الأداء الأفضل). اليوم ، تركز معظم الصناعة في إفريقيا على التجميع ذي القيمة المضافة المنخفضة لأن المواد الخام اللازمة لا يتم إنتاجها أو إتاحتها محليًا. على سبيل المثال تنهي عدد من شركات البتروكيماويات المصرية، حالياً تمويل مصنع للبتروكيماويات بقيمة 11 مليار دولار في منطقة السويس الاقتصادية، وبالتالي توفير آلاف الوظائف والمساهمة في مضاعفة الصادرات المصرية في غضون فترة وجيزة. ولأول مرة، يتم الغلب على مشكلة توفير العناصر المغذية للعديد من الصناعات مثل البلاستيك والتعبئة ومواد البناء وقطع غيار السيارات، مما يسمح بالإنتاج بدلاً من الاكتفاء بالتجميع الذي يتم على المستوى المحلي. ستجعل البلاد أكثر جاذبية للمصنعين في الخارج، وتحرص على تجنب رسوم الاستيراد المكلفة، وبالتالي إنتاج مجموعة متنوعة من السلع مثل إطارات السيارات مما يزيد من فرص العمل.