السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

"اقتلاع البشير" في صحافة إثيوبيا: القلق يتضاعف.. وتكهنات متناقضة بشأن سد النهضة

الرئيس نيوز

على عكس الرؤساء العرب السابقين، مبارك والقذافي وعلي عبد الله صالح وزين العابدين بن علي، نجح الرئيس السوداني السابق عمر البشير في الاحتفاظ بصداقات وثيقة مع جميع زعماء الدول العربية وجيرانه الأفارقة مثل إثيوبيا.

وعندما يتعلق الأمر بعلاقة نظام البشير بإثيوبيا، فإنه حافظ على صداقته مع الحكومة الإثيوبية رغم من تغيير القيادة داخل الجبهة الديمقراطية الثورية الإثيوبية.

وفي الواقع، تعود علاقة الجبهة بالحكومة السودانية إلى عقد الثمانينيات حيث كان السودان تقدم الدعم لمقاتليها آنذاك وخاصة جبهة تحرير شعب تيجراي التي وصلت إلى الحكم في أديس أبابا في 1999. ومنذ ذلك الحين يحافظ السودان على علاقته الوثيقة مع إثيوبيا، في الاقتصاد والسياسة والقضايا الاجتماعية، وفقا لصحيفة "ريبورتر" الإثيوبية.

وبعد تولي رئيس الوزراء أبي أحمد علي السلطة، خشي كثير من المراقبين من أن العلاقة بين البلدين قد تأخذ مسارًا مختلفًا ومع ذلك، على مدار الاحتجاجات، وأوفدت إثيوبيا اثنين من كبار مسؤوليها؛ هما نائب رئيس الوزراء "ديميك ميكونين" ووزير خارجيتها "وورنه جبيهيو" إلى الخرطوم.

ولم تأتِ زيارتهما مصادفةً حيث أكدا على حكومتهما القوي من العلاقات الإثيوبية - السودانية. ومنذ بضعة أشهر فقط، أشار مارتن بلوت، المراسل الصحفي والباحث في شؤون القرن الإفريقي، إلى أن السودان غير المستقر سيكون له تأثيرات خطيرة على المصالح الإثيوبية.

وقال بلوت لصحيفة "ريبورتر" الإثيوبية: "من الواضح أن رئيس الوزراء أبي أحمد علي حاول إقامة علاقات جيدة مع الخرطوم، لذلك أعتقد أن الإطاحة بالبشير ستكون بمثابة نكسة لخططه لتحقيق الاستقرار والنمو الإقليميين".

تجدر الإشارة إلى أنه قبل أشهر قليلة، زار البشير أديس أبابا بناءً على دعوة من رئيس الوزراء أبي أحمد علي، وكان يرافقه كبار مساعديه بمن فيهم وزير خارجيته ورئيس الاستخبارات السودانية. وافتتحا مجمع جيما الصناعي بحضور الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي.

وكان الدبلوماسيون بوزارة الخارجية الإثيوبية، حتى بعد المغادرة المفاجئة لوزير الخارجية السابق "ورقى جيبيوه" منصبه ليتولى منصبًا بالأمم المتحدة، يتابعون عن كثب تطورات المشهد السوداني، حيث يقيم أكثر من مليون إثيوبي.

وبعد الإطاحة بالبشير، استجابت إثيوبيا من خلال وزارة الشؤون الخارجية للتطور الجديد وأصدرت بيانًا اعتبره المراقبون أكثر غموضًا، أكدت فيه أن "إثيوبيا تعرب عن ثقتها في أن السودانيين سيتجاوزون تلك اللحظات الصعبة".
وأكدت أديس أبابا احترام سيادة السودان واستقلاله السياسي وأعربت عن أملها المخلص في أن يجد جميع المعنيين في السودان حلاً سلميًا للأزمة، وفقًا لبيان وزارة الخارجية.

ونظرًا للمصالح الوطنية لإثيوبيا، ولأن أديس أبابا لديها الكثير الذي قد تخسره إذا ساءت الأمور في السودان، فإن القيادة كانت وما زالت تشارك بنشاط في كل ما من شأنه تحقيق الهدوء في الشأن السوداني. لقد ظل السودان لسنوات يدعم الحكومة في إثيوبيا ولدى البلدين الكثير من البرامج والمشاريع المشتركة في العديد من الملفات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وقال دبلوماسي إثيوبي، طلب عدم نشر اسمه، إن "العلاقة بين البلدين لها جوانب كثيرة".

ويرتبط الجانبان في ملفات عدة بينها مشروعات البنية التحتية بخلاف المصالح الاقتصادية والروابك الثقافية.

على سبيل المثال، أبدى السودان دعمه عندما قررت إثيوبيا بناء سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل، وعبر الدبلوماسي الإثيوبي عن عدم اعتقاده أن الحكومة القادمة في الخرطوم- سواء أكانت عسكرية أو مدنية - سيكون لها موقف مختلف بشأن ملف إنتاج الطاقة الكهربائية من سد النهضة، فدعم الخرطوم لبناء السد جاء بناء على قناعة بأنه مفيد للسودانيين أيضًا، فإذا قرر الحكم الجديدة ما بعد البشير اتخاذ موقف مغاير، فسيكون ذلك بمثابة تضييع لمصالح للشعب السوداني، لكن صحيفة "ذا ريبورتر" الإثيوبية كشفت عن قلق إثيوبي من "تكرار الموقف الذي اتخذه الرئيس السوداني إبراهيم عبود في عام 1959، الذي كان اول رئيس للسودان بعد الاستقلال وهو الذي وقّع اتفاقية 1959 بشأن توزيع حصص مياه النيل والتي احتفظت مصر بموجبها بعدد من المزايا".

كما كشفت الصحيفة الإثيوبية عن قلق موازٍ من عدم الاستقرار السياسي في السودان، لتأثير ذلك بشكل مباشر على اقتصاد إثيوبيا، فعلى سبيل المثال، تلجأ إثيوبيا لاستخدام الموانئ السودانية كأحد المنافذ البحرية البديلة. إضافة إلى ذلك، تستورد إثيوبيا ما يقرب من 50 في المائة من الوقود من السودان، وقبل بضع سنوات، ارتفعت كميات الوقود إلى 80 في المائة.

وفي محاولة لتشكيل نوع من التحالف الإقليمي، بعد أيام من تولي السلطة، قام أعضاء المجلس العسكري الانتقالي بزيارة إلى أديس أبابا. التقوا أثناءها رئيس الوزراء أبي أحمد علي ومسؤولين من وزارة الخارجية، وناقش الجانبان عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وفي الأسبوع نفسه، أصدر مكتب رئيس الوزراء ابو أحمد علي بيانًا اعرب فيه عن تقديره للجهد الذي بذله الجيش والذي أخذ زمام المبادرة لتلبية مطالب الشعب السوداني.

قال اللواء جلال الدين الشيخ، عضو المجلس العسكري، "إن المباحثات مع رئيس الوزراء أبي أحمد كانت إيجابية وبناءة، ولن تتغير جميع اتفاقياتنا الدولية بما في ذلك اتفاقية سد النهضة".

ومع ذلك، مع استمرار الاحتجاجات والضغوط الجماهيرية حيث يدعو كثيرون الجيش إلى التخلي عن السلطة لحكومة مدنية، تظل الأمور غير مؤكدة في السودان.

وقال مصدر من السفارة السودانية في أديس أبابا لصحيفة "ذي ريبورتر": "إذا تمكن المجلس من الخروج باتفاقية مع القوى السياسية في السودان، فهو مستعد لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية في غضون بضعة أيام".

ومع ذلك، قالت مصادر مطلعة على التطورات في الخرطوم إنه حتى إذا قال المجلس إنه سيسلم السلطة في غضون 15 يومًا، فإن البعض في الجيش يقولون إن هذا قد لا يكون ممكنًا من الناحية العملية".