الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"قرني" لـ"الرئيس نيوز": نحتاج لتدشين "مجلس أعلى للشئون الأفريقية" ليكون عقلنا في القارة

الرئيس نيوز

تطورات الوضع في السودان ربما تطيل أمد مفاوضات "سد النهضة" في المرحلة المقبلة


قال الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشئون الأفريقية، مدير تحرير دورية "آفاق أفريقية" الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات، إن جولات الرئيس عبدالفتاح السيسي الإفريقية مثلت نحو 30% من زياراته الخارجية، وأن "السيسي" قام منذ توليه الرئاسة في يونيو 2014 حتى إبريل الحالي بـ 29 زيارة لدول أفريقية.

وأضاف "قرني" في حوار لـ"الرئيس نيوز" أن مصر بحاجة لتدشين "مجلس أعلى للشئون الأفريقية" ليكون عقل الدولة المصرية في القارة، وأن تطورات الوضع في السودان ربما تطيل أمد مفاوضات "سد النهضة" في المرحلة المقبلة.. وإلى نص الحوار:

- ما هي قراءتك لجولة الرئيس السيسي الأخيرة في غرب أفريقيا؟

*الحقيقة أن اختيار الرئيس لمنطقة غرب أفريقيا اختيار مهم للغاية لاعتبارات كثيرة، أولها أنها تمثل دائرة مهمة من دوائر العمل الأفريقي من الناحية الاستراتيجية، يضاف لمناطق الشرق والجنوب وحوض النيل. أما من الناحية الثقافية فهي تضم "دول الحزام الإسلامي" بما يقوي الصلة الحضارية مع هذه المنطقة، واقتصاديا تضم المنطقة تكتل "الإيكواس" صاحب الدور المهم في غرب أفريقيا، فضلا عن تجمع "الإيموا" الاقتصادي، فضلا عن ذلك تضمنت الجولة نماذج لاقتصاديات أفريقية صاعدة، يمثل التنسيق والتعاون الاقتصادي معها قيمة مضافة لمصر في أفريقيا.

- برأيك.. ما أهم التطورات السياسة المصرية تجاه أفريقيا عقب وصول السيسي لسدة الحكم؟

*تعد دبلوماسية القمة أبرز ملامح المشهد المصري على الصعيد الأفريقي في عهد الرئيس، حيث حرص السيسي، منذ تولى الرئاسة عام 2014 على الانفتاح على القارة الأفريقية، وتعزيز علاقات مصر بدولها في كل المجالات، وفي هذا الإطار.

ويشير التحليل الكمي لزيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية ولقاءاته الدولية مع زوار مصر من القادة والمسئولين منذ توليه رئاسة الجمهورية في الثامن من يونيو عام 2014، حتى شهر إبريل الحالي إلى قيامه بـ 29 زيارة لدول أفريقية من إجمالي حوالي 90 زيارة خارجية قام بها الرئيس خلال تلك الفترة، بما يمثل نحو 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية.

- في تقديركم.. هل صحيح أن مصر "أهملت أفريقيا" لعدة سنوات؟

*يجب أن نتوقف تماما ترديد هذه المقولات في الإعلام المصري، لأن هذه المقولة تضر بمصالح مصر في أفريقيا. وهي مقولة خطيرة وتستخدمها بعض الدول ضد مصر، حيث تتهمنا بإهمال أفريقيا.

وهناك عشرات الشواهد والمؤشرات التي ترد على هذه المقولات، مثل أن غياب الرئيس الأسبق حسني مبارك كان قاصرا فقط على القمم الأفريقية بعد حادث أديس أبابا عام 1995، غير أن الخارجية والأزهر والكنيسة والتعاون الدولي وكل مؤسسات الدولة ظلت تعمل في أفريقيا، والصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا أنشئ عام 1981، وظل يؤدى دوره في تدريب الكوادر الأفريقية بالآلاف، كما أن معهد الإذاعيين الأفارقة استضاف نحو 4000 آلاف إعلامي وإذاعي أفريقي، ومصر تولت رئاسة الاتحاد الأفريقي دورتين خلال الثلاثين عاما الماضية ،1989، و1993، وقدمت العديد من المبادرات في مجال تسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، ولم تغفل عن قضية الديون الأفريقية، علاوة على إنفاذ المعاهدة المؤسسة للجماعة الاقتصادية الافريقية  عام 1991، وساهمت مصر في استقلال نامبيا عام 1990، والقضاء على النظام العنصري في جنوب أفريقيا، وهذا كما يقولون "غيض من فيض".

 - ما أهم التحديات التي تواجهها السياسة المصرية في القارة؟

*هناك جملة تحديات تواجه السياسة المصرية الراهنة في أفريقيا على عدة مستويات، وذلك على الصعيد الداخلي، من الأهمية بمكان تعزيز ثقافة انتماء مصر الأفريقي، وأن تكون أفريقيا جزءا دائما من المشهد الثقافي والإعلامي والتعليمي المصري، علاوة على خلق آلية سياسية وتنظيمية بين مؤسسات الدولة العاملة في أفريقيا.

وتواجه سياسة مصر في القارة تحديات من قوى إقليمية من خارج القارة مثل  إيران، وتركيا، وقطر، وإسرائيل. أما دوليا، فإن المنافسة مع القوى الدولية ليست في صالح مصر، بجانب اختلاف المواقف والسياسات تجاه بعض القضايا. لكن يبقى في تصوري التحدي الأهم هو أن أفريقيا خلال هذه اللحظة الراهنة تختلف كليا عن أفريقيا الخمسينيات والستينيات، ومن ثم تصبح المقارنة مع تلك الفترة ظالمة لمصر.

- برأيك.. ما هو مستقبل مفاوضات سد النهضة؟

*أعتقد أن مصر نجحت بشكل بكبير في خلق إطار سياسي لهذه المفاوضات، يستكمل المسارين الفني والقانوني، لكن ربما تطيل تطورات الوضع في السودان أمد المفاوضات في المرحلة المقبلة، وأيضا أعتقد أن إثيوبيا مقبلة على مراجعات فنية مهمة في مواصفات السد.

- كيف تقرأ الوضع في السودان بعد سقوط البشير؟ وتأثير ذلك على مصر؟

*السودان لا تمثل فقط جوارا جغرافيا لمصر، ولكنها امتداد ثقافي وحضاري بين شعب واحد في بلدين، وتشير المؤشرات الأولية للوضع الراهن إلى اتجاه الوضع للتهدئة بين حركات الاحتجاج الشعبي والمجلس الانتقالي في ظل الخطوات التي ينتهجها المجلس للتواصل مع القوى السياسية السودانية. إلا أن هناك بعض التحديات بطبيعة الحال ستواجه السودان في تلك المرحلة، أبرزها الوضع الاقتصادي، والذي كان سبباً مباشراً في التعجيل برحيل نظام البشير، أيضا موقف بعض الحركات الانفصالية في بعض أقاليم الدولة بالسودان، والأهم في تصوري عدم وجود تصور سياسي لإدارة المرحلة الانتقالية بين الشارع والمجلس العسكري الانتقالي.

- كيف ترى قرار الاتحاد الأفريقي باحتمال تعليق أنشطة السودان داخل الاتحاد؟

في اعتقادي إن الاتحاد الأفريقي تسرع في التهديد بتعليق عضوية السودان. فرغم مأساوية تجربة الانقلابات العسكرية في أفريقيا، وتشدد مواثيق الاتحاد "ميثاق لومي 2000" و"ميثاق الديمقراطية والحكم الرشيد 2007" في هذا الصدد، إلا أن ما حدث في السودان ثورة شعبية جاءت بعد الممارسة غير الديمقراطية للرئيس المعزول عمر البشير، والقوات المسلحة وقفت بجانب الشعب، وما حدث في الخرطوم غير موجود في نصوص الاتحاد الأفريقي"، ومن ثم فإن قرار مجلس السلم والأمن بإعطاء مهلة 15 يومًا للسودان لنقل السلطة لحكومة مدنية متسرع، خاصة أن المجلس العسكري تعهد بتسليم الحكم لدولة مدنية.

- في تقديركم.. كيف يمكن تفعيل العمل الأفريقي المشترك؟

*البداية الحقيقية بالإصلاح الهيكلي والمؤسسي للاتحاد الأفريقي على الصعيدين السياسي والمالي، ثم الشروع مباشرة في تفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية باعتبارها الأداة التنموية للعمل الأفريقي المشترك.

- ما أهم القضايا التي يجب على مصر تبنيها خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي؟

*أؤكد على نقطة مهمة، وهي أن مصر تقود العمل الأفريقي داخل الاتحاد بأجندة الاتحاد الأفريقي، وليس أجندة مصر، ومن ثم أرى أن هناك جملة قضايا ستكون على رأس التحركات المصرية مثل: الاصلاح الهيكلي والمالي للاتحاد ، منطقة التجارة الحرة، مكافحة الإرهاب، تطوير البنى التحتية في القارة، مواجهة التغيرات المناخية، تفعيل سياسات واستراتيجيات أجندة 2063 الأفريقية.

- ما هي المكاسب السياسية والاقتصادية من "ملتقى الشباب العربي الأفريقي"؟

*ملتقى الشباب العربي الأفريقي يبعث أكثر من رسالة من مصر للعالم وقارة أفريقيا، حيث يؤكد اهتمام مصر الخاص بالشباب الأفريقي والعربي بجانب القضايا الكبرى ذات الأولوية للطرفين.

ومن ثم، فإن إقامة الملتقى تحت رعاية رئاسة الدولة المصرية رسالة مهمة تسهم في سد الفجوة بين العرب والأفارقة، وإزالة أي خلافات أو فوارق سلبية في العلاقات حدثت على مدار الأعوام الماضية.

وكذلك أرى أن انعقاد الملتقى باعتباره أحد توصيات منتدى شباب العالم في نوفمبر الماضي، يكرس دبلوماسية المؤتمرات التي انتهجتها مصر في السنوات الأخيرة، خاصة أنها تعقد برعاية رئيس الجمهورية مما يعطيها زخما سياسيا وإعلاميا.

- بم تنصح مسؤول القرار المصري فيما يخص السياسة المصرية تجاه أفريقيا؟

*بشكل موجز، أعتقد أن السياسة المصرية في قارة أفريقيا في حاجة ملحة إلى تدشين مجلس أعلى للشؤون الأفريقية" برئاسة رئيس الجمهورية، يضم كافة مكونات الدولة المصرية، سياسيا واقتصاديا وثقافيا. وكذلك المجتمع المدني المصري المعني بأفريقيا، ومجتمع الاقتصاد المصري، ويناط بهذا المجلس رسم سياسة مصر الاستراتيجية في قارة أفريقيا، بمعنى أن يكون "عقل للدولة المصرية على الصعيد الأفريقي".