الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

حكاية طبيب إيطالي حاول قتل أحد زعماء المماليك بالسم.. فأطعموا جثته لـ"الكلاب"

الرئيس نيوز

جارية "حسن بك كشكش" كشفت مؤامرة علي بك الكبير لقتل سيدها القديم.. وكان جزاؤها الإعدام

يظل علي بك الكبير اسما بارزا في تاريخ مصر المملوكي خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ذلك المملوك القوي الذي كان في مثل هذا اليوم من عام 1772 يهرب من مصر إلى الشام، بعد فشل محاولته الخروج على الدولة العثمانية.

ويسجل التاريخ الصراعات التي دارت بين علي بك الكبير وبين حسين بك كشكش في القاهرة قبل ذلك التاريخ بسنوات. ورغم أنها كانت معارك بين "الكبار"، لكن تفاصيلها تكشف كيف أشعل الخدم والحاشية الحرب بين أسيادهم.

وفي كتاب "النهضة العربية الحديثة"، للمؤرخ عبد العزيز نوار، والذي يتناول تاريخ علي بك الكبير، والحملة الفرنسية على مصر، وصعود الدولة السعودية الأولى، نجد وثيقة قديمة بتاريخ 17 مارس 1766، للسياسي النمساوي هنري دي بنكلر، الذي كان سفيرا للنمسا لدى الأستانة.

تحكي الوثيقة قصة طبيب إيطالي من مدينة نابولي، كان راهبا وأقام علاقة جنسية مع إحدى الراهبات بعد قصة حب مشتعلة، لكنه دس لها السم وقتلها خوفا من أن ينفضح أمره، ثم هرب إلى القاهرة عن طريق دمياط.

وفي مصر "لم يمض عليه وقت طويل بالقاهرة حتى سحره جمال إحدى اليونانيات فتجنس بجنسيتها وتزوجها وأخذ يتكسب بالطب"، ثم تعرف الطبيب على "حسين بك" وأصبح طبيبًا خاصًا له، فاستغل علي بك الكبير هذه الصلة لضرب خصمه.

وتقول الوثيقة إن علي بك استدعى الطبيب وأغراه بالمال ليقتل حسين بك بالسم، فقبل الطبيب العرض لخيانة سيده، وأخذ يدبر خطة للتنفيذ في الحال.

غير أن كواليس قصر علي بك الكبير كانت تخبئ مفاجأة، لأن إحدى الجواري من "حريم" حسين بك، قبل أن يمتلكها علي بك الكبير، كانت تتلصص على ما يدور.

هكذا، و"من خلال ثقب صغير أمكنها أن تسمع وترى ما يدور في داخل الغرفة. وبدافع الولاء لسيدها القديم أسرعت كسبا للوقت وأفضت إليه بما دبرته له يد الخيانة والغدر".

ذهب الطبيب إلى حسين بك الذي "رحب به وأكرمه على حسب العادة عندهم"، وعرض على سيده "شرابا ليس له نظير ينعش الروح والجسد". وكانت الجارية قد أبلغت حسين بك بما يُحاك له، لذلك ففطن لغرض الطبيب في قتله بالسم، فأجابه أنه ليس في حاجة إلى أي دواء، ثم "اقترح عليه أن يتقاسماه سويا ويقضيا الليلة في بهجة وسرور"، فأدرك الطبيب انكشاف أمره.

كان لا بد من عقاب "الخائن"، فأمر حسين بك رجاله بمده على "الفلقة" وضربه حتى يعترف بشكل صريح، وبعد 500 عصا خارت قواه وأقر بتفاصيل المؤامرة.

ثم أمر حسين بك الطبيب بشرب السم، ثم أركبه حمارا وأعاده إلى منزله، لكنه أرسل معه حارسين تحسبا لأي محاولة منه لتناول "ترياق" يفسد مفعول السم، بحكم كونه طبيبا، وأمرهما بأن يسهرا على راحته طوال الليل، وإذا تعافى أعدماه.

وتكشف الوثيقة عن الطريقة الدموية التي تخلص بها الحارسان من الطبيب، إذ "قطّعا جثته قطعا وقذفا بها من النافذة طعاما للكلاب جزاء وفاقا على ما جنته يداه".

وعندما علم علي بك الكبير بما جرى، استشعر الخيانة من داخل قصره، وبعد تحقيقات مع كل الحاشية والخدم توصل إلى الجارية التي كشفت المؤامرة لحسين بك، فأعدمها.

وعبثًا حاول علي بك الكبير جمع شتات نفسه وأنصاره، إذ أن خصمه كان قد تأهب لمواجهته عسكريا وسياسيًا، لكن طبيعة الصراع التي أقصت الرجل من المشهد أعادته بعد ذلك، إلى أن خانه ثم هزمه محمد بك أبو الدهب في معركة بالشرقية سنة 1773.