السبت 27 أبريل 2024 الموافق 18 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

فلسفة "الأثر الفوري والرجعي" في التعديلات الدستورية.. مناقشات ما قبل "حسم الأحد"

الرئيس نيوز



في الوقت الذي تفصلنا فيه أيام قليلة عن الخطوة الأخيرة بشأن التعديلات الدستورية في أروقة مجلس النواب، لا توجد حتى تاريخه  صياغة نهائية لنصوص المواد المقترحة، ولا تزال الجهود قائمة نحو التوفيق بين جميع الملاحظات والرؤى التي تم إبدائها من قبل جلسات الحوار المجتمعي ونواب البرلمان، وأعضاء اللجنة التشريعية، وهو ما يوحي  بتقدير البرلمان ورئيسه لكل الملاحظات وضرورة الاستفادة منها لصالح الدولة المصرية، كونه لا يتم التعامل مع تعديلات دستورية معلبة وإنما مقترحات برلمانية لصالح الوطن.

ورغم انتهاء جلسات الحوار المجتمعي الأسبوع قبل الماضي، حرص رئيس مجلس النواب، د. علي عبد العال على التداول بشكل علني  في المواد المقترحة مع أعضاء اللجنة التشريعية علي مدار يومي  الثلاثاء والأربعاء الماضيين بمناقشات استمرت  قرابة الـ15 ساعة، وأتيحت الفرصة للنقاش والحوار مع جميع أعضاء اللجنة ونواب اللجان الأخرى  الذين حرصوا على المشاركة بأعمال المناقشات.

اللافت للنظر أن أعمال هذه المناقشات أعطت الفرصة الكاملة للنواب الذين أعلنوا موقفهم الرافض من التعديلات الدستورية، مثلما حدث بشكل واضح بجلسات الحوار المجتمعي من إعطاء الفرصة للمعترضين للتعبير عن وجهات نظرهم.

وشهدت جلسة الثلاثاء حديث النائب ضياء الدين داود، عضو تكتل 25 -30، معلنا رفضه للتعديلات بمبدأ ضرورة إجراء استفتاء مبدأ علي المادة 226 من الدستور قبل البدء في أعمال التعديلات الدستورية، وهو المنطق الذي يعتمد عليه  التكتل في وجه نظره، كون الإجراءات التي يتم أتباعها غير دستورية، حيث  الحظر المنصوص عليه بالمادة ينطبق علي مدة الرئاسة وفترتها أيضا، فيما  تعقيب رئيس المجلس علي هذه الرؤية بأن الحظر مقتصر فقط على الفترتين وليست مدة الرئاسة.

ضياء الدين داود، رغم إعلانه رفضه ومعارضته للتعديلات، إلا أنه أرسل رسالة للجميع بأن معارضته تتم بكل حرية ومن الداخل، ولا يوجد اى معارضة حقيقة من الخارج، وهو ما أشاد به رئيس المجلس، د. علي عبد العال، والمتحدث باسم المجلس د. صلاح حسب الله الذي أعلن تأييده ودعمه  للتعديلات.

الساحة كانت متاحة أيضا للنائب محمد صلاح عبد البديع، عضو اللجنة التشريعية، والذي أعلن رفضه للتعديلات، ولكن تطرق للتفاصيل مقترحا أن يتم التطبيق للتعديلات بأثر رجعي بأن تكون المدة 6 سنوات وتطبق علي المرحلة الحالية والمرحلة السابق، بالأثر الفوري، وبالتالي فترة الرئيس الحالي تنتهي  في عام 2026، وهو الأمر الذي اتفق معه النائب محمد العتماني في وجه نظره، وهو عضو معارض  وعضو تكتل 25- 30، وهذه وجه النظر جديدة وتم طرحها لأول مرة، ورئيس المجلس شبهها بتطبيق القانون بأثر رجعي  ولكنه لم يتحدث بشأن دستوريتها وأكد في الوقت ذاته بأن الأمر متروك لدراسة هذه الرؤية من قبل لجنة الصياغة.

و أتيحت الفرصة أيضا الأربعاء الماضي للنائب أحمد الشرقاوي، عضو تكتل 25-30، للتعبير عن وجه نظره المعارضة، للتعديلات والتي تتضمن المعيار الأساسي بها ضرورة عمل الاستفتاء علي المادة 226 من الدستور قبل البدء في إجراءات أعمال التعديلات، منتقدا أيضا حملات الترويج "بنعم" التي تتم في الشارع المصري رغم  عدم انتهاء البرلمان من الموافقة علي التعديلات، ليكون تعقيب رئيس المجلس بأنه عقب علي مطلب الاستفتاء من قبل وأن الحظر متعلق بالفترات وليس مدة المدة الرئاسية، والحملات في الشارع  من قبل مواطنون متطوعون.

المناقشات أيضا تطرقت لكلمة مدنية المذكورة بالمادة 200، واعتراض حزب النور علي ذلك، وضرورة أن يتم العمل على استبداله بكلمة أخرى قد تكون الوطنية الدستورية، حتى لا يتم تفسيرها في المستقبل بشكل خاطئ وهو الأمر الذي عقب عليه رئيس المجلس بأنه سيتم التباحث  حول مصطلح  يتوافق مع الجميع مع وضع الاعتبار لتخوفات الأقباط  من عدم تعديل هذه المصطلح أيضا.

الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، وعضو لجنة إعداد دستور مصر 2014، يقول لـ"الرئيس نيوز": "لا خلاف إطلاقا مع ما يقوم به مجلس النواب من  حالة حوار حقيقية حول التعديلات الدستورية وإتاحة الفرصة لجميع فئات المجتمع للتعبير عن وجه نظره بكل حرية وديمقراطية".

وأكد فوزي أنه أحد أساتذة القانون الدستوري الذين شاركوا بأعمال الحوار المجتمعي، ولمس حالة الجدية للحوار وإدارة رئيس المجلس للحوار بشكل جيد وإتاحة الفرصة للجميع للتعبير عن وجه نظر، بل والتأكيد أن وجهات النظر سيتم الاعتداد بها في الصياغة النهائية، وهذا أمر إيجابي  وتعهد  محمود من رئيس المجلس، ويؤكد جدية الحوار ونتائجه الملموسة، مشيرا إلى أنه تابع من خلال وسائل الإعلام وجهات النظر المختلفة وخاصة الرأي المعارضة للتعديلات وهذه بادرة جيده في أن التعديلات ليست معلبة للأغلبية ولكنها تحتمل وجهات النظر المختلفة وهذه الديمقراطية.

وأضاف فوزي أن  المعارضة طرف مهم في الديمقراطية والاستماع لها من الطبيعي، والاستجابة لوجهات نظرهم إذا كانت الأصوب ضرورة، مشيرا إلى أنه لا يختلف أحد على أن المعارضة الحقيقة حصلت علي كل حقوقها في مناقشة التعديلات الدستورية بمجلس النواب، ورئيس المجلس د. علي عبد العال تعهد بذلك وتحقق علي أرض الواقع أمام الجميع.

وبشأن رؤيته لما أثير من مقترحات متعلقة بصياغة المادة 140 وحذف المادة الانتقالية قال صلاح فوزي: "هناك العديد من المقترحات بشأن صياغة هذه المادة وليس بشأن مضمونها"، مؤكدا أن المادة الانتقالية توضع في الدساتير إبان المراحل الانتقالية ومراحل عدم الاستقرار، ونحن في مصر لسنا في مثل هذه المراحل، ومن ثم طرحنا وطرح الجميع وأنا منهم بجلسة الحوار المجتمعي بأن يتم ضم المادة الانتقالية للمادة 140، والضم هنا ليس إلغاء من حيث المضمون ولكنه إلغاء من حيث الشكل فقط، على حد تعبيره.

وأكد أن مقترح الضم، يحقق الغرض المطلوب في أحقية الترشح للرئيس الحالي في الترشح عقب انتهاء هذه المدة، وهذا هو المعني الحقيقي للأثر المباشر في التطبيق والفوري،  مؤكدا أن ما تم طرحه من تطبيق من أثر رجعي غير صحيح، وغير منضبط دستوريا، ولا يجوز أن يتم تطبيق النص الدستوري بأثر رجعي، النص الدستوري يطبق بأثر فوري ومباشر قائلا: "لا توجد نصوص دستورية تطبق بأثر رجعي مثل القوانين".

ولفت عضو لجنة إعداد دستور 2014،   إلي  أن المادة  225 من الدستور تسمح في غير المواد الجنائية والضريبة النص علي الأثر الرجعي  بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب  ولكن الأمر مغاير فيما يخص التعديلات الدستورية حيث  أن تاريخ نفاذ التعديل  محدد حرفيا في المادة 226 من الدستور والتي  جاء نصها علي النحو التالي.... يكون التعديل نافذا من تاريخ إعلان النتيجة  وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء ...وبالبناء علي ذلك ... فإن الدستور لم يتضمن نصا علي نفاذ تعديلاته بأثر رجعي ولم يتضمن لإنفاذ التعديل سوي موافقة الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة التي شاركت في الاستفتاء.

واقترح فوزي صياغة من وجه نظره ستكون الأفضل لحل هذه الإشكالية مع حذف المادة الانتقالية، وهي :"يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، ويسري هذا التعديل   اعتبار من أول انتخابات رئاسية تالية لهذا التعديل  وذلك بغض النظر عن مدد الرئاسة التي انقضت قبل نفاذ هذا التعديل".

واختتم فوزي حديثه بالتأكيد علي أن هذه الصياغة تحقق الغرض والهدف المطلوب، دون الحاجة للمادة الانتقالية، وتحقق الغرض في التطبيق الفوري المباشر، وليس التطبيق بأثر رجعي كما يطالب البعض، مؤكدا علي أن الأثر الرجعي غير مقبول إطلاقا وسيكون مخالف دستوريا.

يأتي ذلك في الوقت الذي من المنتظر أن تنتهي لجنة الصياغة للتعديلات مساء الأحد القادم ، ويتم التصويت عليه من أعضاء اللجنة التشريعية، علي أن يتم عرضه علي جلسة البرلمان يوم الثلاثاء القادم، ليتم التصويت النهائي  يوم الأربعاء ليم إخطار رئيس الجمهورية لاتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية في عمل الاستفتاء.