السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

رؤساء مصر والتعديلات الدستورية: 1980 الأهدأ مع السادات.. و2007 الأضخم بطلب من مبارك

الرئيس نيوز

ـ زوجة النبوي إسماعيل تقدمت بالأولى والعسكري رتب للرابعة.. ومقولة السيسي فتحت الطريق لتعديلات 2019

يحتدم الجدل مع كل تعديل دستوري تشهده مصر، ربما أكثر من الجدل الذي يصاحب صياغة هذه الدساتير نفسها، وما بين عبارات مثل "الدساتير ليست كتبًا مقدسة" و"الأشخاص ليسوا مقدسين" تدور المعارك الكلامية والمناقشات و"التخوينات"، إلى أن يذهب كل هذا إلى صناديق الاستفتاء.

ودائمًا ما يشتعل الجدل بسبب موقف الرئيس الحاكم في كل فترة من التعديلات، أو مدى استفادته منها، وذلك منذ العام 1981 إلى الآن.

"الرئيس نيوز" رصدت قصص 5 تعديلات دستورية، ومواقف كل رئيس منها، بما فيها الأخيرة التي تجري حاليًا في أروقة مجلس النواب.

السادات.. الموت حرمه من الاستفادة من "التعديلات الدستورية"

 في منتصف الفترة الرئاسية الثانية للرئيس أنور السادات، نادت منابر إعلامية وسياسية بأحقية "بطل الحرب والسلام" في البقاء للحكم لمدد أطول، بعكس ما نص عليه دستور 1971 الذي حدد للرئيس مدتين فقط، كل منهما لا تزيد على ست سنوات.

هذه الدعوات انتقلت من الفضاء العام إلى أسفل قبة البرلمان، عندما خطبت المطربة وعضو مجلس الشعب فايدة كامل، زوجة وزير الداخلية حينذاك النبوي إسماعيل، بضرورة أن يبقى "السادات" في الحكم مدى الحياة.

أين كان الرئيس السادات من كل هذا؟

في أبريل من ذلك العام، أقدم الرجل على حل البرلمان عندما طرح الأمر على الاستفتاء الشعبي بعد ساعات من المناقشة المحتدمة تحت القبة حول إقرار اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها "السادات" في 26 مارس من العام نفسه.

كان عامًا مصيريًا للسادات، لكنه كان مطمئنًا إجمالاً، إذ أُقرت المعاهدة في الاستفتاء وسط معارضة صاخبة لكنها ذات تأثير محدود من القوى اليسارية.

 المهم أن فايدة كامل تقدمت (أمام البرلمان الجديد الذي اُنتخب في يونيو) بطلب لتعديل المادة 77 من الستور لفتح مدد الترشح للرئاسة.

وفي مقال منشور للسيناريست وحيد حامد، فإن المصريين أطلقوا على الأمر مسمى "تعديلات الهوانم"، وسط مزاعم بأنه جاء بإيعاز من السيدة جيهان السادات على أساس أن "السيدات الأوليات يفضلن الاستمرارية".

في هذا الوقت أخذت التعديلات مسارها الرسمي إذن، وافق المجلس من حيث المبدأ على الأمر، وبعد شهرين بدأ في مناقشة المواد المطروحة للتعديل أو الإضافة، ثم طُرح للاستفتاء الشعبي في 20 مايو 1980 فوافق عليه 11 مليون ناخب مقابل رفض 60 ألف، وبعدها بنحو عام ونصف اُغتيل السادات على يد الجماعات الإسلامية.

مبارك.. أنهى "الاستفتاء الرئاسي" فأنهت الثورة حكمه

في مؤتمر عقد محافظة المنوفية، في 25 فبراير 2005، أعلن الرئيس الأسبق حسني مبارك مبادرته لتغيير نظام انتخاب رئيس الجمهورية ليصبح بالاقتراع الحر المباشر بدلًا من الاستفتاء.

ووجّه "مبارك" الذي كان يستعد وقتها لدخول فترته الرئاسية الخامسة – والأخيرة - خطابًا إلى البرلمان طالب فيه رسميًا بتعديل المادة 76 من الدستور. وفي 10 مايو وافق مجلس الشعب على تعديل المادة بأغلبية 405 من أعضائه، وطُرحت للاستفتاء الشعبي بعد 15 يومًا وبلغت نسبة الموافقة عليها 83% من الأصوات.

تعديل آخر للدستور، لكنه أضخم هذه المرة، تقدم به مبارك بعد 7 أشهر، عندما طالب البرلمان في ديسمبر 2006 بتعديل 34 مادة.

اتهامات شتى وجهتها قوى المعارضة للتعديلات الجديدة، بأنها جاءت وفق رغبة الابن "جمال"، أمين السياسات بالحزب الوطني الحاكم وقتها، إذ شهدت إزالة كل ما يؤسس للنظام الاشتراكي من دستور 1971، وإقرار مبدأ "المواطنة"، وتأسيس الوضع الدستوري لقانون الإرهاب.

وسبق أن شهدت المواد التي طالب "مبارك" بتعديلها نقاشات عدة، علنية وسرية، في أروقة الحزب الحاكم، الذي كان قد بات تحت سيطرة ما سُمي بـ"الحرس الجديد" بقيادة جمال مبارك.

وبعد مناقشات عدة، جمع مجلس الشعب المواد الـ34 في مادة واحدة وصوّت عليها بالموافقة في 19 مارس 2007، لتُطرح – على غير العادة- في غضون أسبوع واحد، وتحديدًا في 26 مارس من نفس العام، على الاستفتاء الشعبي الذي أقرها بنسبة 75.9 %.

يشار إلى أن ثورة 25 يناير 2011 أنهت حكم الرئيس السابق مبارك، بعد شهور من انتخابات برلمانية شهدت وقائع تزوير.

المجلس العسكري.. معركة "الجنة والنار" على تعديلات ما بعد تنحي مبارك

بعد يومين من تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2012، أعلن المجلس العسكري تعليق العمل بدستور 1971، وتشكيل لجنة برئاسة المستشار طارق البشري لصياغة تعديلات دستورية تؤسس لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.

تلك كانت التعديلات التي شهدت واحدًا من أبرز الاستقطابات في السنوات الأخيرة، للدرجة التي بات يقترن فيها الموقف من التعديلات بفرصة الفوز بالجنة أو الخلود في النار.

كان الجدل يتسع وينحصر، لكنه حجج الرافضين لها يتلخص في عدة نقاط أبرزها أن الموافقين على التعديلات لا يعترفون بقوة الثورة في إزالة النظام القديم و"دستوره" معًا، وأن إقرار التعديلات يمكن جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة على الحكم سريعًا، بينما دافع الطرف الآخر عن موقفه بأنه لا بد من عبور المرحلة الانتقالية سريعًا، والعمل على "عدم تمكين الفلول من العودة".

كان الجدل محتدمًا بين "نعم" و"لا"، ووسط كل هذا صاغت لجنة برئاسة المستشار طارق البشري، التعديلات المقترحة، ليطرحها المجلس العسكري على الاستفتاء الشعبي في 19 مارس 2011، لتحظى بالموافقة بنسبة 77 %.

السيسي.. "البلاد لا تُحكم بدساتير النوايا الحسنة"

بعد سنة وعدة أشهر على توليه الرئاسة في فترته الأولى، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام جمع من شباب الجامعات، في 13 سبتمبر 2015، إن دستور 2014 كُتب بنوايا حسنة، لكن البلاد لا تحكم بالنوايا الحسنة.

ملحوظة السيسي المقتضبة فتحت الباب أمام مناقشة إمكانية تعديل الدستور الذي وضعته لجنة من خمسين شخصًا برئاسة السياسي والأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق عمر موسي، وأعلنت الموافقة عليه بالاستفتاء الشعبي في 18 يناير من ذلك العام بأغلبية أصوات 98.1%.

لكن نبرة المطالبة بتعديل الدستورالذي أعقب ثورة 30 يونيو خفتت تدريجيًا، حتى مطلع العام الحالي عندما تسارعت نبرة المطالبة بتعديل عدة مواد، لا سيما مادة مدد الرئاسة، إلى أن تقدم 120 نائبًا عن ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، رسميا في الثالث من فبراير الماضي، بطلب لمجلس النواب لتعديل عدة مواد بالفعل.

بعدها بأيام، في 14 من نفس الشهر، وافق البرلمان من حيث المبدأ على التعديل، وسط اعتراضات من نواب ائتلاف "25- 30-" المعارض.

جدل التعديلات هذه المرة ينحصر في مقولتين، الأولى للمؤيدين الذين يقولون إن "الدساتير ليست كتباً مقدسة"، فيما يرد الرافضون بأن "الرؤساء ليسوا أشخاصا مقدسة".

منطق الفريق الأول يرى أن الرئيس السيسي أطلق خطة تنمية بمشروعات عملاقة ومن حقه أن يبقى في الحكم حتى نضمن جني ثمرة كل هذا، وأيضاً لمنع أي رئيس قادم من التصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية، وتبديد مكاسب ثورة 30 يونيو.

في المقابل يرى الرافضون أن تعديل مدة الرئاسة مخالف للمادة نفسها التي تنص على عدم جواز ذلك إلا بمزيد من الضمانات، كما أن حجتهم تتلخص في أن الاقتراب من مادة الرئاسة تحديدًا يبدد مكاسب ثورتي 25 يناير و30 يونيو معًا.