الخميس 18 أبريل 2024 الموافق 09 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الزيارة الوحيدة لرئيس مصري قبل "السيسي".. قصة جولة تاريخية لـ"عبدالناصر" في غينيا عام 65

الرئيس نيوز

 "لابد من إفريقيا ولو طال الزمن".. هكذا تقول جولة الرئيس عبد الفتاح في القارة السمراء، والتي بدأها اليوم بزيارة إلى غينيا.

طال الزمن بالفعل منذ أول وآخر زيارة لرئيس مصري إلى غينيا، عندما زار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر البلد الواقع غرب إفريقيا، في عام 1965.

54 سنة مرت على تلك الزيارة التي كانت أصداؤها حاضرة بقوة في زيارة الرئيس السيسي، الذي أزاح الستار عن تمثال للزعيم الراحل في الجامعة التي تحمل اسمه بالعاصمة كوناكري.

وتحفظ غينيا لمصر "جميلها" حتى الآن، بمساندتها أيام الاستقلال، لذلك أطلقت اسم الرئيس السيسي على مجمع بنفس الجامعة، وكأن التاريخ يصل الحاضر.

كانت غينيا استقلت عن فرنسا في العام 1958، وكان عبدالناصر يقرأ عن تجربة الرئيس أحمد سيكوتوري، لكنه لم يلتقيه لأول مرة إلا في الدار البيضاء بالمغرب في 1961.

وبعد أربع سنوات من هذا التاريخ قرر عبدالناصر أن يرى بعينه ما قرأ عنه، وأن يشاهد كيف حقق الغينيون الاستقلال وكيف يسيرون على طريق الحرية الإفريقية.

وفي 2 نوفمبر 1965، وقف عبد الناصر أمام الجماهير الغينينة في احتفال شعبي أقيم له خصيصا باستاد كوناكري، وخطب في الجماهير الغفيرة قائلا: "منذ أن وصلت اليوم إلى عاصمتكم الجميلة وأنا لم أشعر أبداً أننى غريب عن بلدى، فالمشاعر التى لمستها من أول ساعة لوصولى حتى الآن إنما هى مشاعر الأهل والإخوة".

كان "ناصر" يتحدث إلى الغينيين بشيء من الأسى لأنه لم يأت إلى كوناكري منذ سنوات: "كان الاستعمار يفصل دائماً بيننا، ولكن الاستعمار لم يستطع أبداً أن يفصل بين قلوبنا، رغم بعد المسافة فإننا كنا دائماً نشعر بوجودكم".

ويروي عبدالناصر كيف جرت أول مقابلة له مع سيكوتوري في المغرب: "استطعنا أن نتفاهم من أول دقيقة التقينا فيها، فقد لمست فيه الثائر.. القائد.. البطل.. الأمين، وقلت له فى هذه الأيام: إننى انتظرت طويلاً حتى التقى بك، كنا نسمع عنكم وعن نضالكم من أجل الحرية والاستقلال، ولكنا لم نكن نستطع أبداً أن نتصل بكم".

ولم ينس الزعيم الراحل أن يربط مصير الشعوب الإفريقية ببعضها البعض: "سرنا نحن وغينيا على طريق واحد؛ التخلص من الاستعمار والقضاء على الاستعمار القديم والجديد. الحرية ولا بديل للحرية، كانت هذه صيحتكم فى سنة 58 حينما حصلتم على الاستقلال، وكنا نسمعها هناك من الشمال الشرقى لقارة إفريقيا، ورأيتها اليوم فى عيون كل فرد منكم".

وأكد أن "الجمهورية العربية المتحدة ستسير يداً بيد مع غينيا الشقيقة؛ من أجل تحقيق المبادئ السليمة للحرية والاستقلال والوحدة لإفريقيا، ومن أجل السلام العالمى، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل التقدم، ومن أجل الرفاهية".

وبعد يومين، في 4 نوفمبر، زار الرئيس المصري الراحل مدينة كسيروجو، وأثنى من جديد على ما حققه الشعب الغيني، قائلا: "حينما جئت بينكم هذه الأيام الثلاثة عرفت الكثير؛ لقد رأيت صلابة هذا الشعب القوى المناضل، ورأيت وحدة هذا الشعب الذى صمم على الحرية فحصل عليها، ولمست وعي هذا الشعب من أجل قضايا الحرية والوحدة الإفريقية، وإني لأشعر بسرور عميق فى نفسى حينما أرى هذا بعد سنوات من الاستقلال فى ظروف كانت من الناحية الاقتصادية ظروفا صعبة".

ولفت "ناصر" إلى دور الرئيس الغيني أحمد سيكوتوري في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، وهي الفكرة التي طرحها على الرئيس المصري في زيارته للقاهرة قبل سنوات.

وأضاف عبدالناصر قائلا عن سيكوتوري: "ثم ذهب إلى أديس أبابا بعد ذلك، كان يبشر بمنظمة الوحدة الإفريقية، واستطاع أن يرى مولد منظمة الوحدة الإفريقية، وهو يرى الآن هذه المنظمة تسير فى طريق تحقيق آماله وأمانيه، لقد رأيت فيه المناضل من أجل العزة والكرامة، ورأيت فيه الرجل الذى يرفع الصوت عالياً من أجل حرية إفريقيا، ورأيته بعد ذلك فى مؤتمرات مختلفة، فكان فى كل مؤتمر من المؤتمرات الصوت القوى العالى من أجل الحرية وضد الاستعمار والإمبريالية، ومن أجل وحدة إفريقيا".

وفي 5 نوفمبر، كان عبدالناصر في مدينة "كان كان" الغينية"، وفي ساحة فسيحة أقيم له احتفال آخر بمناسبة زيارته. وهناك تحدث عما لمسه في جولاته داخل هذا البلد الإفريقي المتحرر: "لقد سعدت جداً بزيارتى لأنحاء غينيا المختلفة، وسعدت جداً بما رأيته فى كل مكان ذهبت إليه، لقد التقيت بعدد كبير من مجموع الشعب الغينى فى مناطق مختلفة من غينيا، وفى كل مكان ذهبت إليه كانت الروح الثورية هى التى تسود".

ولفت عبدالناصر إلى أن مستوى المعيشة التي لمسها في غينيا بعد الاستقلال باعتبار أنه "يدل على تقدم كبير"، متنبئا لشعب غينيا بأنه سيحقق الكثير في المستقبل.

كما تحدث عبد الناصر عن زيارته أحد المصانع الحديثة التى بنيت بعد الاستقلال، وقال: "وإنى على ثقة أنكم فى المستقبل ستملأون هذا البلد بمئات المصانع".

وأعطى ناصر للغينيين عبرة مما حدث في مصر بعد 23 يوليو 1952: "إننا أيضاً بعد أن تخلصنا من الاستعمار بدأنا بخطوة واحدة وبنينا حتى الآن ألف مصنع، وأنا على ثقة أن هذا هو الطريق الذى ستسيرون عليه".

وفي نفس اليوم، عندما كان عبدالناصر يتأهب لصعود طائرته لمغادرة غينيا، قال في مؤتمر صحفي أقيم بمطار كوناكري: "لقد استفدت جداً من زيارتي لغينيا، التقيت بالشعب الغينى فى مناطق مختلفة، ورأيت الثورة السياسية والاجتماعية الغينية بعد أن كنت قد تتبعتها بالقراءة. أنا معجب للغاية بهذا الشعب، وعلى ثقة من أنه سينجح فى تحقيق أهداف ثورته".