الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الحقوقي عمرو عبدالسلام: غياب "اللجنة التأسيسية" يعرض التعديلات لشبهة "عدم الدستورية"

الرئيس نيوز

اعتبر عمرو عبدالسلام، المحامي ورئيس منظمة "العفو العربية لحقوق الإنسان"، تعديل الدستور المصري ضرورة لملاءمة التغيرات التي تطرأ علي اوضاع الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه شدد على ضروة الحفاظ على بعض مواده وعدم الاقتراب منها كمادة نظام الحكم في الدولة، ومصادر التشريع وعدم المساس بالحرية الشخصية والنصوص المتعلقة باستقلال السلطة القضائية.

 وأشار عبدالسلام إلى أن تعديل الدستور سيسهم في تمكين الفئات المهمشة كالأقباط والمرأة، كما أنه سيعزز مشاركة الشباب في العملية السياسية، مشدداً على ضرورة تشكيل "لجنة تأسيسية" لصياغة المواد "المُستحدثة":

هل ترى ضرورة لتعديل الدستور؟

ـ يجب أن نوضح أولاً ما المقصود بتعديل الدستور وأنواع الدساتير في أنظمة الحكم في الدول، فتعديل الدستور يعني إضافة أو حذف أحكام قائمة في الدستور بقصد تحقيق الاستقرار والثبات للقواعد الدستورية والقانونية، ومن ثم فإن تعديل الدستور يعتبر ضرورة قانونية وسياسية، لأن الدستور هو المنشئ للقواعد الأساسية للدولة وفقاً لأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذه الأوضاع متغيرة ومتطورة وبالتالي فتعديل الدساتير ضرورة حتمية لملاءمة التغيرات التي تطرأ على أوضاع الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فإن نظرية تجميد نصوص الدستور وعدم قابليتها للتغير والتعديل تتنافى تماما مع مبدأ سيادة الأمة ومواكبتها للتغيرات التي تطرأ عليها.

وهناك نوعان من الدساتير الأولى الدساتير المرنة وهي التي يتم تعديلها وفق إجراءات تعديل القوانين العادية والثانية هي الدساتير الجامدة التي تطلب إجراءات أكثر تعقيدا إلا أن هذا النوع من الدساتير رغم جمودها تكون عرضة للتعديل، إذا اقتضت ظروف نظام الحكم في الدولة، وهذا النوع من التعقيد والجمود يمنحها نوعاً من الثبات النسبي.

والدساتير المصرية منذ وضعها عام 1923 وحتى آخر دستور عام 2014 تتسم بالجمود والتعقيد وتطلب إجراءات خاصة لتعديلها مثل ما ورد في المادة 226 من الدستور الحالي 2014، والتي نصت على أربعة من المراحل التي يمر بها تعديل مواد وأحكام الدستور، الأولى: حق رئيس الجمهورية أو عدد خمس أعضاء مجلس النواب التقدم بطلب إلى المجلس لتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور. الثانية: موافقة غالبية أعضاء مجلس النواب على مبدأ تعديل الدستور. الثالثة: مناقشة المواد المطلوب تعديلها وفقاً للمادة 226 من الدستور بعد مرور شهرين على الأقل من تاريخ الموافقة على مبدأ التعديل وهذا القيد الزمني يهدف إلى التأكد من مرور فترة زمنية كافية لدراسة التعديلات وتنتهي مرحلة المناقشة بإقرار المجلس للتعديلات في صورتها النهائية. المرحلة الأخيرة: هي دعوة الشعب للتصويت على التعديلات عن طريق الاقتراع السري

برأيك ما المواد التي يجب تعديلها وما المواد التي يجب الحفاظ عليها؟

ـ هناك العديد من نصوص الدستور التي يجب الحفاظ عليها وعدم الاقتراب منها كنظام الحكم في الدولة ومصادر التشريع التي تستقي منها القوانين أحكامه وعدم المساس بالحرية الشخصية والنصوص المتعلقة باستقلال السلطة القضائية وعدم توغل السلطة التنفيذية عليها والتدخل في شؤونها الداخلية ومبدأ الفصل بين السلطات وكذلك ترك اختيار روساء الهيئات القضائية لأعضائها وان تكون مهمة رئيس الدولة فقط قاصرة على إصدار القرارات بتعيينهم دون أن يتدخل في اختيارهم، كما أرفض المساس بتعديل النصوص الدستورية التي تقلص من سلطة مجلس الدولة من مراقبة مشروعات القوانين والقرارات التي تحال إليه من مجلس النواب.

أما المواد التي يجب تعديلها في الدستور الحالي فهي المواد التي تمنح مزيداً من الحقوق والحريات والمساواة كالمادة 102 من الدستور التي تهدف إلى ترسيخ تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان بنسبة لاتقل عن 25% وأيضا المادة 160 التي تستهدف استحداث منصب نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية لمعاونته في اداء مهامه وأيضا المادة 140 التي تستهدف زيادة مدة رئيس الجمهورية من أربع سنوات إلى ست سنوات لتمكين الرئيس الحالي من استكمال مسيرة التنمية والإصلاح الاقتصادي التي بدأها للخروج بمصر من عنق الزجاجة ومواجهة الإرهاب واستقرار الأوضاع الأمنية في سيناء، كما أنه يجب تعديل المادتين 243، 244 من الدستور والتي تستهدف التمثيل الملائم للعمال والفلاحين وتمكين الشباب والأقباط والمصريين بالخارج وذوي الإعاقة.

هل تعتقد أن تعديل الدستور المقصود منه بقاء الرئيس السيسي في الحكم لمدة طويلة؟

ـ لا أعتقد ذلك، لأن زمن البقاء في الحكم إلى أبد الآبدين قد انتهى بعد 25 يناير و 30 يونيه، وأصبح الشعب هو الذي يستطيع التغيير بإرادته والأمر كله سيحسمه التصويت على التعديلات الدستورية، فإذا جاءت نتيجة التصويت بالرفض فلن يستمر الرئيس السيسي في الحكم بعد انتهاء فترة ولايته الحالية، وانا بحكم علمي الشخصي من مصادر مقربة من اسرة الرئيس السيسي فإن هذا الأمر غير مطروح تماماً، وأن الرئيس السيسي لن يستمر في أي ولاية أخرى جديدة إلا بإرادة الشعب المصري، الذي شارك الرئيس وجيش مصر العظيم في تحمل الأمانة في وقت عصيب، كانت فيها البلاد على حافة الانزلاق إلى الهاوية بسبب الإرهاب، بالإضافة إلى أن مرحلة التعديلات الدستورية لن تكون نهاية المطاف، ففي كل الأحوال ستكون هناك انتخابات رئاسية، يشارك فيها أكثر من مرشح رئاسي وستكون هناك منافسة بين المرشحين وصندوق الانتخابات هو الذي سيحدد من هو الرئيس القادم.

هل يمكن الطعن على خطوات تعديل تعديل الدستور

ـ طبعاً، هناك عدة طعون قدمت إلى مجلس الدولة للطعن على قرار مجلس النواب بالموافقة على طلب تعديل المواد الدستورية، لكن من وجهة نظري القانونية والدستورية فإن تلك الطعون سيكون مآلها الرفض لأنه لا توجد مخالفة لاستخدام البرلمان صلاحياته الدستورية الواردة بأحكام الدستور في المواد الموجودة بالفعل والتي سيدخل عليها بعض التعديلات، أما المواد التي تستحدث وتنشأ من جديد فمن وجهة نظري القانونية أطالب رئيس الجمهورية بإصدار قرار بتشكيل لجنة تأسيسية لتعديل مواد الدستور المراد تعديلها، على أن يشارك في تشكيل تلك اللجنة كل أطياف المجتمع المصري وطرح تعديل المواد للحوار المجتمعي مثل ما حدث في تعديل دستور 2014 .

هل ترى أن التعديلات خطوه للخلف وتراجع عن انجازات ثورتي 25 يناير و30 يونيو؟

ـ لا أعتقد ذلك مطلقاً، فالتعديلات المطروحة إن لم يكن كلها يصب في مصلحة الوطن فإن معظمها يحقق ذلك في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إلى تعديل الدستور، بما يواكب تلك التطورات ويحقق المزيد من الاستقرار.

هل إجراءات مجلس النواب لتعديل الدستور تشوبها عدم الدستورية؟

ـ فيما يتعلق بتعديل المواد الموجودة بالفعل بالدستور الحالي لا توجد شبهة عدم دستورية في الإجراءات لأن المجلس استعمل سلطاته الدستورية في إدخال التعديلات على بعض هذه المواد، لكن المواد "المستحدثة من العدم" والتي ستنشأ من جديد لتضاف إلى الدستور لا يملك البرلمان القدرة على إنشائها، لأنه لابد أن تكون هناك "لجنة تأسيسية" لتكون الجهة المنوط بها صياغة هذه المواد "المُستحدثة".

البعض يري أن تعديل الدستور خطوة للخلف وتراجع عن انجازوات ثورتي 25 يناير و30 يونيو؟

ـ أنا انضم لهم في هذا الرأي فلابد من طرح المواد المطلوب تعديلها للحوار المجتمعي ومشاركة كل أطياف المجتمع في ابداء رأيهم فيه حتى لا يكون الاستعجال سبباً لتشويه هذا المنتج خاصة أننا لسنا في حاجة تدعو للاستتعجال، وكما ذكرت من قبل أناشد رئيس الجمهورية تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة مواد الدستور خاصة المستحدثة كما تم من قبل في دستور 2014 .

هل تعتقد أن التعديل سيمكن المرأة والشباب والأقباط وذوي الاحتياجات من ممارسة السياسية؟

ـ بالطبع التعديل سيؤدي إلى تمكين المرأة والشباب والأقباط وذوي الاحتياجات الخاصة من المشاركة في الحياة السياسية واشتراكهم في صنع القرار بعد ما عانت كل هذه الفئات من التهميش والاضطهاد على مرور عدة عقود من الزمن في ظل أنظمة الحكم السابقة، بما يحقق المساواة والمساهمة في بناء الوطن.