السبت 20 أبريل 2024 الموافق 11 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

يتيم الأم أصبح نصيرًا للفقراء.. كيف أثرت وفاة والدة عبد الناصر في حياته؟

الرئيس نيوز


- توفيت وعمره 8 سنوات.. أبوه أخفى عنه الخبر فتفاجأ بزوجته الجديدة
- هيكل: كانت عيناه تدمعان كلما تذكرها.. وبسببها تصرف باعتباره رجلًا يمثل مصالح الفقراء


وعمره 8 سنوات أصبح جمال عبد الناصر يتيم الأم، خسارة يمكننا أن نتصور أنها لن تؤثر في الطفل الصغير، لكنها تركت فيه أثرًا لم ينمح بسهولة طوال حياته.

كانت الأم، فهمية محمد حماد، السيدة البسيطة ابنة تاجر الفحم، اعتادت أن تكتب خطابات لصغيرها الذي كان يدرس بعيدا عنها في الإسكندرية أو القاهرة، وتسأله عن أحواله: كيف تسير دراسته، كيف يعيش معه خليل، ومع ابنه بالتبني "محمود"، وكان الطفل يرد عليها بكلمات معدودة بإحساس الطفل البرئ.

لكن الخطابات انقطعت فجأة، وتحديدًا في أبريل 1926، ولما سأل "جمال" أبيه عن السبب قال له إنها مثقلة بأعباء المنزل.

في كتاب السيرة الذاتية "ناصر"، للكاتب الروسي أ. أجارييشيف، يقول عن علاقة الزعيم الراحل بأمه: "كان متعلقا جدا بوالدته التي كانت دائمة الكتابة له حيث كان خطابها يؤنسه في وحدته، كما أن جمال كان حريصا على إرضاء أمه ما وجد إلى ذلك سبيلا، ولكنها كفت عن الكتابة فجأة".

ماتت الأم المريضة، لكن الأب لم يخبر ابنه بما حدث: "تلقى جمال خطابا من والده يقول له فيه بأن والدته أصبحت مثقلة بأعباء المنزل وأنها مشغولة بالإشراف على أخويه الصغيرين عز العرب والليثي، وعلاوة على ذلك أخبره والده بأن أمه قد ذهبت إلى الإسكندرية لزيارة أقاربها".

كانت "فهمية" قد ذهبت بالفعل إلى الإسكندرية بعد أن ألمّ بها المرض بعد ولادتها الابن الأصغر "عز العرب"، وعندما عاد "جمال" إلى الخطاطبة لقضاء الإجازة الصيفية علم بأن أمه قد ماتت هناك.

رواية أخرى للكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل في برنامجه على قناة "الجزيرة"، يقول: "كان يبعث لأمه السيدة فهيمة خطابات، وهي تكتب له كلمتين ثلاثة في خطاب يروح له من أبوه. الولد كان يا دوب يفك الخط، فيكتب لها كلمتين أو ثلاثة إنه يشتاق لها وكذا".

ويروي ما حدث بعد ذلك قائلا: "رجع مرة الخطاطبة وبعد غياب سنة، دخل البيت لم يجد أمه، ولكنه وجد سيدة أخرى، لأنه والدته كانت توفت بعد ما وُلد ابنها الأخير عز العرب بحوالي أقل من أسبوع".

وجد عبد الناصر في البيت الزوجة الجديدة "عنايات الصحن"، التي كان أبوه تزوجها: "وما كانش قادر يتصور غياب أمه ثم إخفاء الخبر عنه وتركه يعتقد طول الوقت إن أمه تنتظره ويكتب لها جوابات مرات وما يعرفش بتوصل لفين".

ويعتقد هيكل أن وفاة والدة عبد الناصر كانت صدمة حياة الرجل الذي سيغير وجه مصر بعد سنوات: "كنت أحس إنه لما يتكلم عن أمه حتى وهو كبير، وهو رئيس جمهورية، فيه ظل يفوت في عينه".

ويؤكد الكاتب الذي قريب الصلة بعبد الناصر علاقة جمال بأمه كانت حميمة جداً، ورغم أنها توفيت وهو في سن 8 سنوات، لكننا نفهم من هيكل أن الطفل الصغير وقتها كان يملك لديه الكثير من الوعي لكي يدرك فداحة اليتم، ويملك الكثير من الحاجة إلى الحنان، ليحزن عليها ويقول في أحد لقاءاته إن وفاة أمه كان "ضربة موجعة لم ينمح أثرها عنه طوال حياته".

ويفسر هيكل أحد الطباع التي اكتسبها عبد الناصر من وفاة أمه وهو التمرد بسبب بُعده عن أمه ثم وفاتها ثم زواج أبوه من واحدة غيرها، وبعد ذلك عدم قدرة أبيه على الإنفاق عليه بشكل جيد بسبب إنجابه أبناء آخرين من الزوجة الثانية، لدرجة أنه عائلة أمه تكفلت بمصاريفه الدراسية في فترة ما.

ويوضح تأثير ذلك فيما بعد على عبد الناصر: "هنا أصبح هناك رجل من الحاجات الهائلة، رجل رأى الفقر لكنه لم يفعل مثل غيره ويهرب منه شخصياً، فقرر أن يقاومه بالنسبة لأمة بحالها أو بالنسبة للشعب، وقال وتصرف باعتباره رجل يمثل مصالح الفقراء".