الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الأمن القومى" يقوض إضرابات العمال... والبرلمان: مصلحة البلد أهم

الرئيس نيوز

أبدت قيادات نقابية ملاحظاتها على نصوص المواد المنظمة للإضراب في مشروع قانون العمل الجديد، الذي تتم مناقشته في مجلس النواب، حيث يرون أن الإقرار بحق العمال في الإضراب تماشياً مع الدستور، والاتفاقيات الدولية الموقع عليها من الحكومة المصرية، يتم النكوص بها وفقاً للقيود والشروط التعجيزية، التي يضعها القانون على ممارسة هذا الحق.

كمال عباس المنسق العام لدار الخدمات النقابية، قال إن المادة 103 من القانون تنص على أن يحظر ممارسة الإضراب في المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية، التي يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومي، أو بالخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد هذه المنشآت، وكان مجلس الوزراء أصدر قراراً رقم 1185 لسنة 2003، تطبيقاً لنص المادة 194 من قانون العمل الحالي، والمطابقة لهذه المادة، معتبراً من قبيل هذه المنشآت، "الأمن القومي، الإنتاج الحربي، المستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات، المخابز، وسائل النقل الجماعي للركاب البري والبحري والجوي، وسائل نقل البضائع، الدفاع المدني، مياه الشرب والكهرباء والغاز والصرف الصحي، الاتصالات، الموانئ والمنائر والمطارات، فضلاً عن العاملين في المؤسسات التعليمية، وهو ما تحفظت عليه لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية، حيث رأت أنه تم تقييد حق الإضراب في مؤسسات خدمية لا تعد أساسية وفقاً للتعريف الدقيق لهذا المصطلح.

وأشار، إلى أن قسم التشريع في مجلس الدولة، رأى أنه يتعين تحديد مفهوم تلك المنشآت، أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون، دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار من رئيس الوزراء، نظراً إلى مساس هذا الحكم بأصل الحق.

وأضاف، أن المادة 201، اشترطت أن يقوم العامل بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب، بعشرة أيام على الأقل، بموجب كتاب مسجل وموصى عليه بعلم الوصول، على أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة إليه، وتاريخ بدايته، ثم تاريخ نهايته أيضاً، وهو ما تراه الدار اشتراطاً يعوزه المنطق السليم، حيث أن العمال لا يضربون بصورة مسرحية أو إعلامية، وإنما لحين الاستجابة لمطالبهم، وهم بالتالي لا يفترض علمهم المسبق بالمدى الزمني للإضراب.

من جانبها، أشارت رحمة رفعت، مديرة البرامج بدار الخدمات النقابية والعمالية، أن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينص في المادة الرابعة منه، على أن تقرر الدول الأطراف في الاتفاقية، بأنه يجوز للدولة في مجال التمتع بالحقوق التي تؤمنها، تماشياً مع الاتفاقية الحالية، وأن تخضع هذه الحقوق للقيود المقررة في القانون فقط، وإلى المدى الذي يتمشى مع طبيعة هذه الحقوق فقط، ولغايات تقرير رفاهية العالم في مجتمع ديمواقرطي فقط، فهل يمكن اعتبار تقييد حق الإضراب بالإخطار المسبق عن تاريخ نهايته أمراً يتماشى مع طبيعة هذا الحق؟، وهل يمكن اعتبار ذلك التزاماً بالاتفاقية الدولية أم مخالفة صريحة لنصوصها.

وترى رفعت، أن العمال لا يذهبون إلى الإضراب على سبيل الرفاهية أو الفانتازيا، وإنما بدافع من مطالب ملحة عادة ما تتعلق أشد التعلق بحياتهم وحياة عائلاتهم، وهم بالقطع لن يعمدوا إليه، إذا كان هناك سبيل إلى المفاوضة أو التسوية الودية، لكنهم إذا لم يجدوا آذاناً صاغية أو آليات للحوار، إذا كانوا قد فقدوا الثقة في مثل هذه الآليات أصلاً نتيجة تعطلها الطويل، إذا سدت أمامهم سبل المفاوضة سوف يصبح الإضراب عملاً لا بديل له، مشيرة إلى أن الوسيلة الوحيدة لتقليل عدد الإضرابات هي تفعيل آليات الحوار، والمفاوضة الجماعية، وهي تعزيز الديمقراطية النقابية بكل ما تتضمنه من حق تكوين النقابات بحرية، وحق المفاوضة الجامعية، وحماية ممثلي العمال.

رفعت أكدت أن الاستمرار في تقييد حق الإضراب بشروط تعجيزية، والتوسع في الحظر يؤدي بنا إلى استمرار الدوران في الدائرة المعروفة، واستحالة تطبيق القانون، وبالتالي إدارة الظهر له أو عدم احترامه، لنجد أنفسنا أمام إضرابات تقع خارج القانون، لأنها لا يمكنها الانضباط لشروطه، وتعامل انتقائي مع هذه الإضرابات يبدأ من الاعتراف بها، والتفاوض مع ممثليها، ومنظميها، وينتهي بالحكم على بعض من يمارسون حقهم فيها بالسجن، والأمر كله متروك لموازين القوى واعتبارات المواءمة، بل وطبيعة ومزاج وثقافة الأطراف الأخرى.

وأضافت، أنه ربما كان الأمر الخطير هو ما تنص عليه المادة 121 من مشروع القانون في البند 8 منها، من أنه يجوز فصل العامل إذا لم يراع الضوابط الواردة في المواد من 200 إلى 202 الخاصة بالإضراب، حيث أنه إذا كنا أمام مجرد ضوابط لممارسة الحق المعترف به، والذي لا يجوز انتهاكه، ألا يبدو تعسفاً وإجحافاً أن يترتب على مخالفتها جزاء مغلظ إلى هذا الحد، الفصل والحرمان من فرصة العمل وكسب الرزق، مشيرة إلى أن الحصاد المر لاستخدام هذا النص خلال السنوات الماضية، هي فصل المئات من العمال والنقابيين وتشريد الآلاف من أسرهم وعائلاتهم، ألا يستحق ذلك المراجعة؟

من جانبه، قال النائب خالد شعبان، عضو لجنة القوى العاملة في مجلس النواب، إن الدستور المصري كفل حق الإضراب عن العمل، وهو حق مكفول للعامل في العالم كله، ولكن تحت شروط وضوابط تحكمه، لمنع حدوث أي كوارث للعامل وصاحب العمل.

وأضاف شعبان، أن المواد الخاصة بالإضراب في قانون العمل الجديد، تنص على أن العامل لابد أن يلوح بالإضراب أولاً، ثم يلجأ إلى التفاوض، ثم يتجه إلى تنظيم إضراب جزئي، ثم إضراب كلي، مؤكداً أن ذلك طبيعي، فالأمر لا يعد بمثابة ثورة، والشروط التي يضعها القانون تحفظ حقوق المضربين قبل صاحب العمل.

وأشار شعبان إلى أن اتفاقيات العمل الدولية التي قامت مصر بالتوقيع عليها، تمت بناء على تناسبها مع طبيعة الدولة المصرية، وبما يحافظ على الكيان الداخلي للدولة، مثل المنشآت العسكرية، ولا يمكن لمصر أن تلتزم ببنود اتفاقية لا تتناسب معها ولم تقم بالتوقيع عليها.