الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"الجزيرة" القطرية تحاول الوقيعة بين مصر والسودان (التفاصيل)

الرئيس نيوز

تاريخ طويل يروي تطور العلاقات بين القطرين الشقيقين "مصر والسودان"، تاريخ مشترك وثيق الصلة امتد على مدار السنوات الماضية بين شعبي وادي النيل.

مصر التي قال عنها الرئيس السوداني عمر البشير، في زيارته الأخيرة إليها في يناير الماضي، "تربطنا بمصر، الجغرافيا، والتاريخ المشترك، والحاضر، والمستقبل، وأيضاً المصير المشترك".


أما مصر في عهد الرئيس السيسي، فقد كانت حريصة كل الحرص على تطور العلاقات مع شقيقتها السودان، ولكن من منظور مختلف لم يعتمد فقط على الزيارات الرئاسية المتبادلة، ولكن اعتمد على تصفية جميع الخلافات المعلقة منذ سنوات كـ "النزاع الحدودي على مثلث حلايب وشلاتين، وسد النهضة الإثيوبي، إضافة إلى اتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين سودانيين، وهو ما نفته مصر مراراً".

لكن قناة الجزيرة القطرية، لازالت تحاول العبث بعلاقات مصر الخارجية المتميزة مع دول الجوار، لاسيما دول حوض النيل، تأجيجاً لخلافات حدودية، والخلاف على ملف مياه النيل، تحقيقاً لمصالحها في تلك الدول، وتعمداً لاستفزاز مصر.

فمنذ يومين، بثت الجزيرة تقريراً تلفزيونياً يفتقر إلى المهنية، والمصداقية عن دور الجيش المصري في السودان الشقيق، واصفة العلاقات الثنائية بين القاهرة والخرطوم بالـ "المليئة بالعلل وتجملها العبارات العاطفية السياسية"!

فالجزيرة لم تستطع تقديم ما يثبت حديثها المرسل، فقدمت خلال تقريرها مشاهد تنافي الواقع المصري، فقد استعانت بمشاهد قديمة منذ عهد جماعة الإخوان تبرز ازدحاماً شديداً لمواطنين مصريين أمام منافذ الخبز، "في إشارة لتدهور الوضع الاقتصادي المصري، في الوقت الذي نمد فيه يد العون للأشقاء"، وهو أمر مناف تماماً للواقع في الوقت الراهن، خاصة في ظل منظومة وزارة التموين الحديثة التي تم وضعها، والتي أنهت تماماً على تلك المأساة.

مشهد آخر أبرزه التقرير، عن دور استفزازي مصري للسودان بشأن مثلث حلايب وشلاتين، حيث ادعى كاتب التقرير أن الرئيس عبد الفتاح

 السيسي زار تلك المنطقة لتأكيد السيادة المصرية عليها، وهو ما يتنافى مع الفيديو الذي قدمه التقرير، خلال زيارة الرئيس السيسي إلى أسوان،

 وهو يصافح أحد أبناء محافظة أسوان، خلال انعقاد ملتقى الشباب العربي الأفريقي بالمحافظة.


ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فقد بثّ التقرير معلوماتٍ مغلوطة عن أحقية السيادة المصرية على مثلث حلايب وشلاتين، وعمد إلى تأجيج

وفتح هذا الملف مرة أخرى، ففي مارس 2018 استضافت القاهرة الرئيس البشير وشارك في "احتفالية الأسرة المصرية" وأنهت تصريحاته خلال

 كلمته في الحفل، أي تكهنات سياسية حول توتر العلاقات بين البلدين، معلناً حل الخلافات كافة، حيث قال "لقد بحثت مع شقيقي الرئيس عبد

 الفتاح السيسي، كل ما من شأنه تحسين هذه العلاقة، وتعزيز العلاقات بين البلدين، والشعبين الشقيقين وإزالة أي عقبات تعتريها".


واستكمالاً لسلسة الأكاذيب، بثت الجزيرة خلال تقريرها خطاباً ساخراً عن دور الجيش المصري وتجربته في تحقيق نهضة شاملة في مصر والدول الأفريقية أيضاً، تحقيقاً لمبدأ "يد تبني ويد تحمل السلاح".

دون النظر أيضاً إلى دور مصر التاريخي في دعم أشقائها الأفارقة والعرب وقت الأزمات، وغض الطرف عن أن وزارة الكهرباء المصرية هي التي تنفذ مشروعاً للربط الكهربائي مع نظيرتها السودانية، وفقاً لاتفاقيات رسمية.

واعترافاً بحقيقة "المصير المشترك بين القاهرة والخرطوم، دفعت مصر بإنشاء مشاريع اقتصادية واسثتمارية جديدة عدة في السودان، فضلاً عن تنفيذ مذكرات تفاهم بين البلدين موقعة منذ أغسطس 2006، وبروتوكولات تعاون فني وقعت في مارس 2011، واتفاقية تعاون فني وتنموي في نوفمبر 2014".

حيث وصلت قيمة الاستثمارات المصرية إلى نحو 2.3 مليار دولار، بعدد مشروعات يقدر بنحو 273 مشروعاً، وفقاً للجهاز القومى للاستثمار السودانى، بحجم الاستثمار يبلغ 2.7 مليار دولار، وتتركز 70% من الاستثمارات المصرية بالعاصمة السودانية الخرطوم، والباقى تتوزع على مناطق مختلفة بولايات السودان، وفقاً لإحصاءات الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

فهناك ما يقرب من 122 مشروعاً صناعياً فى مجالات الأسمنت والبلاستيك والرخام والأدوية ومستحضرات التجميل والأثاث والحديد والصناعات الغذائية، و90 مشروعاً خدمياً بقطاعات المقاولات والبنوك والمخازن المبردة والرى والحفريات وخدمات الكهرباء ومختبرات التحليل والمراكز الطبية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، و17 مشروعاً زراعياً بقطاعات المحاصيل الزراعية والإنتاج الحيوانى والدواجن ونشاط صيد الأسماك".

وتتوالى المشروعات المصرية في السودان، كـ"مشروعات الربط الكهربائي والسكك الحديدية، مشروع الأمن الغذائي، هيئة وادي النيل للملاحة، إنشاء منطقة صناعية بالخرطوم، وغيرها".

وقد سبق لمصر تنفيذ ذلك في عدد من الدول الأفريقية كـ "دولة إريتريا" وفقاً لاتفاقية تعاون في مجال الثروة السمكية، تنفذه الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، تحقيقاً للأمن الغذائي المصري ودعم إريتريا الشقيقة في تحقيق متطلبات التنمية.

وعلى الجانب السياسي، لطالما أكدت مصر أن ما يحدث في السودان هو شأن داخلي، ولكن في كل موقف شائك تتدخل مصر بعظمة الكبار وحكمة دبلوماسية مُحنكة لتضع بصمتها، خاصة في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، ولاسيما العلاقات التاريخية مع السودان، تؤكد القاهرة على دعم الخرطوم شعباً وحكومةً ضد عدم استقرارها.

وما حذر منه الرئيس البشير في خطابه يوم 27 يناير الماضي، هو ما تخشاه مصر أيضاً، لاسيما في ظل خصوصية الوضع السياسي والتركيبة الاجتماعية للسودان، وتكرار سيناريو دول عربية أخرى، حيث قال "إن جهات، لم يسمها، تحاول "استنساخ الربيع العربي" في بلاده".

فضلاً عن ارتباط مصر بمثلث حدودي مع ليبيا والسودان عند منطقة جبل العوينات في أقصى الجنوب الغربي، وهي المنطقة الشائكة أمنياً التي طالما عزز الجيش المصري من رقابته الصارمة عليها حفاظاً على الأمنَ القومي المصري.

خطابات وزيارات رئاسية، وتاريخ مشترك تعكسه قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، مشاريع اقتصادية، ونهضة تنموية ترعاها مصر في السودان، أواصر مشتركة عديدة، تؤكد أن مصر والسودان يمتلكان العديد من الأدوات والأسباب أيضاً لتعزيز العلاقات الثنائية في الماضي، والحاضر، والمستقبل، ولا عزاء لابتزاز الجزيرة لمصر.

من جانبه، قال رمضان قرني، خبير الشؤون الأفريقية، إن قناة "الجزيرة" القطرية لازالت تحاول ابتزاز مصر، والهجوم عليها لتصفية حسابات أخرى، خاصة في هذا التوقيت مع اقتراب موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، مستهدفة بذلك علاقاتها المتميزة مع السودان، لتشويه صورة مصر خارجياً.

وأضاف قرني في تصريحات خاصة لـ "الرئيس نيوز"، أن توصيف العلاقة بين مصر والسودان بشكل براجماتي بحت من الناحية السياسية أمر مرفوض تماماً، أما من الناحية الثقافية والحضارية العلاقات بين البلدين شعبية بالأساس، وعلاقات توصف بأنها شعب واحد في بلدين، وهذا ما يؤكد التاريخ والجغرافيا، وعلاقات المصاهرة بين شعبي البلدين.

وأشار خبير الشؤون الأفريقية، إلى أن حديث قناة "الجزيرة" عن استغلال مصري للأوضاع الراهنة في السودان، أمر لا يليق بالبلدين، ولاسيما أن مصر تحترم كيان وسيادة الدولة السودانية، وتُقدر مجالها السياسي الخاص بها، مضيفاً أن القيادة السياسية المصرية تؤكد دوماً إرساء السلام بالمنطقة العربية بأكملها، والحفاظ على الدولة الوطنية السودانية، ومن ثم فمصر تدعو لوحدة الوطن السوداني، وتحذر من تقسيمها، كما حذرت مصر من قبل من تقسيم ليبيا، وهذا يؤكد أن سياسة مصر الخارجية تجاه جميع دول المنطقة واحدة لا تتغير بناء على أي منفعة.