الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

التضخم إلى أين؟.. مخاوف من اصطدام زيادة الأجور بارتفاع الأسعار

الرئيس نيوز

حالة من التفاؤل والترقب معًا أعقبت إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، السبت الماضي، عن حزمة من القرارات والإجراءات غير المسبوقة بزيادة معاشات وأجور العاملين بالدولة، بتكلفة إجمالية قدرها 60 مليار جنيه بدءًا من موازنة العام المالي الجديد 2019-2020 في يوليو المقبل، غير أن الإجراءات الأخيرة أثارت مخاوف البعض، محذرين من تداعياتها علي أسعار مختلف السلع بما ينذر بموجة غلاء جديدة.

ورغم أن الزيادة في الأجور والمعاشات لن تدخل حيز التنفيذ قبل ثلاثة أشهر، إلا أن الحكومة بأجهزتها المختلفة باغتت الأسواق بخطوات استباقية للتصدي لأي ممارسات من شأنها رفع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مبرر في الوقت الحالي، أو احتكار أي سلع، لاسيما مع قرب حلول مواسم أعياد الربيع وشهر رمضان المعظم والتي يتزايد فيها الطلب علي السلع الغذائية.

التحركات الحكومية الأخيرة تمثلت في قيام وزارتي التموين والدفاع بتخصيص أرصدة إستراتيجية من السلع الغذائية تكفي الاستهلاك مدة آمنة تصل إلى 6 أشهر، كما وجه وزير التموين بالتوسع في إقامة المعارض والمنافذ الخاصة بعرض السلع في المحافظات بعدد 250 معرض أهلا رمضان بالتنسيق مع الغرف التجارية، إلي جانب توفير أرصدة إضافية من السلع بأقل الأسعار بما يتراوح بين 10% و30% في المجمعات الاستهلاكية والمنافذ الثابتة والمتنقلة.

تدعم تلك المخاوف أيضًا المرحلة الرابعة من خطة رفع الدعم التي بدأت منذ عام 2014 ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها، ومن المقرر أن تنتهي من رفع الدعم عن الوقود نهائيًا في عام 2020 وعن الكهرباء في عام 2021.

بيد أن التوقعات الرسمية تشير إلى استقرار معدل التضخم السنوي عند مستوياته الطبيعية دون أن يطرأ عليه ارتفاعات كبيرة في الفترة الراهنة، خاصة وأن قرارات زيادة الأجور والمعاشات لن تدخل حيز التنفيذ قبل شهر يوليو المقبل، باستثناء زيادات محدودة في أسعار مجموعة الطعام والشراب بداية من في أبريل ومايو تزامنًا مع حلول شهر رمضان المعظم الذي يمثل أكبر المواسم لاستهلاك السلع الغذائية.

وقال مصدر مطلع بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في تصريحات خاصة، إن تضخم شهر مارس والمزمع إعلانه الأسبوع المقبل لن يرصد تداعيات القرارات الأخيرة بزيادة الأجور والمعاشات، موضحًا أن الباحثين يجمعون البيانات ميدانيًا حول أسعار السلع والخدمات من 15 ألف مصدر على مستوى 8 مناطق جغرافية متنوعة بالجمهورية، حتى يوم 25 من الشهر لإعلانه يوم 10 من الشهر اللاحق وبالتالي فإن تداعيات تلك القرارات ستتضح في إعلان معدل التضخم في مايو المقبل.

واستبعد الدكتور صلاح الدين فهمي الخبير الاقتصادي، تأثير زيادات الأجور ورفع الدعم سلبًا علي معدل التضخم لما كان عليه في أعقاب تحرير سعر الصرف، لافتًا إلى أن تلك الزيادات سيتم تمويلها من فائض أولي في الموازنة العامة وليس طبع أوراق بنكنوت جديدة.

وأضاف في تصريحات خاصة، أن كلًا من جهاز الإحصاء والبنك المركزي يعتمد في قياس مؤشر التضخم علي استبعاد نوعين من السلع هما السلع المحدد أسعارها جبرًا والسلع الأكثر تقلبًا، وبالتالي لن يشمل التضخم التغيرات في أسعار الوقود، موضحًا أن البنك المركزي مستهدف تضخم بنهاية عام 2019 ما بين 11%- 8% وهو ما دفع الأخير لخفض سعر الفائدة 1% قبل شهر  ونصف وهو نوع من أنواع تحجيم التضخم.

ولفت إلى أن تزامن تحسن مستوى الأجور والمعاشات مع رفع الدعم عن البترول سيلعب دورًا رئيسيًا في امتصاص تداعيات إلغاء الدعم على الأسعار - والتي ستنعكس على تكلفة نقل السلع والركاب -  نتيجة تحسين القوة الشرائية للمواطنين.

يشار إلى أن معدل التضخم السنوي سجل تراجعات متتالية علي مدار الأشهر الماضية وصولًا إلى 13.9 % في فبراير الماضي، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في يوليو 2017 بنسبة 30%، بحسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

من جانبه، حذر الدكتور شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، من ارتفاع معدل التضخم إلى ما كان عليه في أعقاب تحرير سعر الصرف في ظل عدم وجود تشريع حقيقي للرقابة علي الأسواق وتراخي بعض الجهات الرقابية في أداء مهام ضبط الأسواق.

وأضاف في تصريحات خاصة، أن المعتاد مع كل زيادة في الأجور تواكبها زيادة في الأسعار تلتهم معظم الأثر الحقيقي لتلك الزيادة، وهو ما يؤدي إلى عدم شعور المواطنين بتحسن أوضاعهم المعيشية، متابعًا أن هامش الربح عالميًا يتراوح بين 20-25% نظرًا للعلاقة الوثيقة بين الربح وحجم الضريبة المستحقة عليه، بينما محليًا قد يتجاوز الربح 100%، خاصة وأن جزء كبير من الأرباح لا تخضع للضرائب.

وتابع: لكي يشعر المواطن المصري بتحسن في أوضاعه المعيشية يحتاج إلي زيادة دخله سنويًا 15% بما يواكب الارتفاع في الأسعار، لاسيما وأن معدل التضخم رغم انخفاضه إلى 13.9% حاليًا إلا أنه لازال مرتفعًا عن نظيره في المجتمعات المستقرة والتي يتراوح بين 2-3% فقط.