الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"العلمين".. من غبار الحرب العالمية إلى مدن الجيل الرابع

الرئيس نيوز

من على حدود التاريخ والوجود النائي، إلى حافة مشروع ضخم يعدها بمستقبل مختلف تمامًا، تقف مدينة العلمين بالساحل الشمالي للبحر المتوسط، وكأنها تخرج من غبار معارك الحرب العالمية الثانية في الأربعينيات إلى عصر الجيل الرابع في الألفية الثالثة.

 

مدينة العلمين الجديدة يُخطط لها أن تكون مركز هذا التحول، وهو  المشروع الذي تفقده الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، رفقة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بين زايد آل نهيان.

 

لا مستقبل دون تاريخ بالطبع، والتاريخ يقول الكثير عن مدينة التجارة والحروب الكبرى والمنتجعات السياحية.

يرجع أصل المدينة إلى عصر الرومان، واللافت أنها كانت مدينة ساحلية أيضًا يسكنها نحو 15 ألف نسمة في ذلك العصر البعيد.

 

كانت مستعمرة رومانية صغيرة تسمى "ليوكاسبيس"، لكنها لم تقو أمام موجة تسونامي أحدثها زلزال مدمر، واختفت تمامًا إلى أن عُثر على ما يثبت وجودها تاريخيا عام 1986، عندما اكتشف مهندسون بقايا مقابر وهم ينشئون طرق "مارينا" في الثمانينيات.

وبفضل موقعها بالقرب من الحدود المصرية الليبية، كانت العلمين قديمًا مركزًا تجاريًا بين البلدين.

 

لكن الحدث الأشهر بالنسبة للمدينة الغربية البعيدة كان في صيف عام 1942، عندما كانت هناك ألف دبابة و500 مدفع بريطاني هي عتاد الجيش الثامن البريطاني، بقيادة برنارد مونتجمري، تشتبك في معركة حامية مع قوات بنصف عددها للألماني إرفين روميل، قاد الفيلق الإفريقي.

 

انتهت المعركة الشهيرة، والتي كانت حديث الساعة في ذلك الوقت، بتفوق قوات الحلفاء بانتصار الإنجليز الذين منعوا "روميل" من التقدم باتجاه الإسكندرية أو قناة السويس.

 

تلك المعركة التي خلدت الأرض المصرية في تاريخ الحرب العالمية الثانية تركت في العالمين آثارا لا تنسى إلى الآن، إذ دُفنت في هذه الصحراء رفات ما يقرب من 40 ألف جندي، شملتهم مقابر الكومونولث التي تضم ضحايا بريطانيا ونيوزيلاندا وأستراليا وجنوب إفريقيا وفرنسا والهند وماليزيا، بجنب المقابر الإيطالية والمقابر الألمانية.

وفي أكتوبر من كل عام، تقيم مصر حفل تأبين رسمي لضحايا معركة العلمين.

 

لكن ما تبقى من المعركة شيء آخر بات يهدد بسقوط ضحايا آخرين، وهي الألغام، إذ تحوي رمال المنطقة، على مساحة 175 ألف فدان، نحو 17 مليون ونصف المليون لغم، وتجري عمليات إزالة لم تنته بعد على يد القوات المسلحة منذ سنوات.

 

اقتصاديًا، فإن المدينة تتمتع بإمكانيات طبيعية تمنحها فرصًا واعدة في أكثر من مجال، إذ أنها غنية بالثروة الطبيعية مثل البترول والغاز الطبيعي، كما أنها تضم عدة منتجعات سياحية في قرية سيدي عبد الرحمن.

 

ربما ذلك كله كان دافعًا للمشروع الجديد، ففي الأول من مارس العام الماضي، دشن الرئيس عبد الفتاح السيسي، المشروع رسميًا، بهدف إنشاء أول مدينة مليونية في الساحل الشمالي على نمط مدن الجيل الرابع، لتشمل مراكز تجارية عالمية وأبراج سكنية وسياحية.

ومن المفترض أن يمثل المشروع فرصة ما للتغلب على التكدس السكاني، من خلال توجيه المواطنين غربًا، بخلاف الجاذبية السياحية للمكان.

 

جغرافيًا، تقع مدينة العلمين الجديدة على طول 48 كم من الطريق الدولي "الإسكندرية – مطروح"، مقسمة إلى ثلاث شرائح، الأولى  سياحية استثمارية على ساحل البحر المتوسط، والثانية استثمارية جنوب الطريق الدولي، والشريحة الثالثة تاريخية وأثرية بمقابر العلمين.

وبالأرقام، تبلغ مساحة العلمين الجديدة 50 ألف فدان بعمق أكثر من 60 كم جنوب الشريط الساحلي، ويُخطط لها أن تستوعب نحو ثلاثة ملايين نسمة.

 

وبحسب المعلن، فإن المرحلة الأولى من المدينة ستنتهي في يونيو  من العام المقبل، على مساحة 16 ألف فدان، تشمل أبراج سكنية ومدارس وجامعات.

 

وأن تكون العلمين الجديدة من مدن الجيل الرابع يعني الخدمات الإلكترونية المغطاة بخدمات الإنترنت، ومساحات خضراء وفيرة، وشبكة إنشاءات استثمارية وسياحية على مستوى عالٍ، تؤهل لخلق مراكز حضارية جديدة تهدف لمستوى ما من الرخاء الاجتماعي.