السبت 04 مايو 2024 الموافق 25 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

9 ملايين لاجئ وشقق إيجارها 10 آلاف.. هل تعطل قطار المهاجرين في محطة مصر؟

الرئيس نيوز

أزمة اللاجئين والمهاجرين في مصر، فرضت نفسها على طاولة السجال المجتمعي بمواقع التواصل الاجتماعي، جدال حامٍ بين مؤيد يرى استضافة الأخوة المنكوبين واجب لا يمكن لمصر التملص منه، ومعارض يشتكي من ضغوط اقتصادية وحياتية تسبب فيها الأعداد المتدفقة بغزارة.

مطالبات بتنظيم إقامة اللاجئين في مصر

حالة التململ الاجتماعي المتصاعد تزايدت مع قفزات متتالية في الإيجارات بالمناطق السكنية، حالت دون استمرار المستأجرين المصريين في وحداتهم السكنية المؤجرة لصالح المستأجرين من الجنسيات الأخرى، إذ بلغ متوسط إيجار شقة 100 متر في منطقة فيصل الشعبية بمحافظة الجيزة إلى 10 آلاف جنيه، بينما قفزت القيمة الإيجارية في أماكن أخرى إلى 20 ألف جنيه للشقة المفروشة في منطقة هضبة الأهرام، يأتي ذلك في ظل زيادة الحد الأدنى للأجور في مصر وفق القرار الأخير للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى 6 آلاف جنيه فقط، هذا بخلاف الازدحام الشديد الذي تسب فيه ضغط اللاجئين على وسائل المواصلات العامة، من بينها خطوط المترو وأتوبيسات النقل العام.

وغرد عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، يطالبون الحكومة المصرية بتنظيم إقامة اللاجئين في مصر، ويحذرون من تغير الخريطة الديموغرافية للسكان، بسبب تكتل بعض العرقيات في مناطق سكنية بعينها، بينما تبادل مواطنون مصريون الشكوى بشأن الضغط على بعض السلع الاستراتيجية مثل السكر والأرز. 

9 ملايين لاجئ

وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي قد صرحت، في مايو الماضي، خلال جلسة بالبرلمان، أن أعداد اللاجئين في مصر تجاوزت 9 ملايين لاجئ، مشيرة إلى أن هذا العدد يضغط على السلع التموينية والخدمات، موضحة أن الحكومة تبذل قصارى جهدها في هذا الصدد.

في مقابل اللغط الاجتماعي ترسل الحكومة برسائل طمأنة لـ"ضيوف مصر" مفادها عدم المساس باللاجئين، بالتوازي مع محاولات حثيثة من قبل مجلس الوزراء ووزارة الخارجية للحصول على الدعم المالي من الدول المانحة، بدأت بزيارة وفد أوروبي رفيع المستوى إلى مصر، منتصف مارس المنصرم، في إطار محادثات من أجل تعزيز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، وشمل الوفد رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين برفقة رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، وانتهت بلقاء جمع بين سامح شكري وزير الخارجية، أمس الاثنين، وإيمى بوب مدير عام المنظمة الدولية للهجرة، وذلك في إطار الزيارة التي تقوم بها المسؤولة الأممية إلى مصر خلال الفترة من 21 إلى 23 أبريل الجاري، أكد شكري خلالها على  أن الدعم الذى تتلقاه مصر لا يتناسب مع الأعداد الحادة المتدفقة من اللاجئين إليها. 

وفي حين تتمسك الحكومة بأن أعداد اللاجئين في مصر تخطت الـ9 مليون لاجئ ومهاجر من 133 دولة، تصر المؤسسات الدولية على أن أعداد اللاجئين المسجلين رسميًا في المفوضية لا يتخطى 450 ألف، ويأتي التضارب الرقمي من اختلاف وتعدد المصطلحات لما تفضل الحكومة أن تطلق عليهم لفظ "ضيوف"، فمع تعدد الأزمات بالمنطقة من الأزمة الليبية والسورية إلى الأزمة اليمينية والسودانية، استقبلت الحدود المصرية خليطًا من الجنسيات المختلفة دون تسجيلهم بالمفوضية كاللاجئين، خلافًا لفقدان البعض لأوراقهم الثبوتية خلال فترة نزوحهم من بلادهم ومناطق الصراع المشتعلة، كما لا يمكن التقليل أيضًا من الأعداد التي دخلت إلى البلاد بشكل غير شرعي عبر طرق التهريب، ومن ثم اتجهت إلى تقنين أوضاعها وفق قرار مجلس الوزراء الأخير، والفئة الأخيرة تعتبرها المؤسسات الدولية مهاجرين، وليسوا لاجئين.

التحديات الاقتصادية والخدمات الأساسية:

المتحدث باسم الحكومة، المستشار محمد الحمصاني، أكد أن مصر قادرة على توفير جميع الخدمات للضيوف، من غذاء وخدمات صحية وتعليم وأمان وبرامج حماية مجتمعية. ومع ذلك، يبقى التحدي في توفير هذه الخدمات بشكل مستدام.

الاتحاد الأوروبي وافق على حزمة مساعدات مالية لمصر بقيمة مليار يورو ضمن اتفاقات تمويلية تبلغ قيمتها 7.4 مليار يورو على مدى أربعة أعوام، في صورة قروض واجبة السداد.

خبير أمني: اللاجئون يمثلون عبئا على مؤسسات الدولة كافة

وفي ذات السياق، توقع الخبير الأمني، الرئيس السابق لمحكمة القاهرة العسكرية، اللواء عمرو الزيات، في حديث مع "الرئيس نيوز" أن تتزايد أعداد اللاجئين في مصر، والبالغ عددهم حاليًا نحو 10 ملايين شخص، وقال: "نتيجة استمرار ذات الأوضاع في المنطقة فمن المتوقع أن يتزايد أعداد اللاجئين في مصر خلال الفترة المقبلة، ولا شك أنهم يمثلون عبئًا على مؤسسات الدولة كافة، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو صحية أو تعليمية".

يتابع: "التصريحات الأخيرة الصادرة عن مجلس الوزراء رغم أنها مطمئنة، خاصة وأنها جددت تأكيد قدرة الدولة المصرية على تقديم الخدمات لهؤلاء الأشخاص المستغيثين، إلا أنه أمرًا يزيد التحديات على الدولة المصرية كافة في ظل أزمة اقتصادية مركبة وتحديات أمنية على جهات مصر الأربعة، وكذلك الحفاظ على جودة الخدمات".

وبشأن شواهد التحديات التي يضيفها تواجد نحو 10 ملايين لاجئ في مصر يشير اللواء الزيات، إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا من تحديث قاعدة بيانات اللاجئين، وإعادة حصرهم وتجديد إقامتهم لدليل على رغبة الدولة في إعادة ضبط الملف الشائك، خاصة وأن نحو 10 ملايين شخص ليس بالعدد القليل، فهو أكثر مما يمثله تعداد سكان كثير من دول المنطقة، وقال: "لا شك أنهم فاتورة ضاغطة، فاللاجئ شخص يستفيد بخدمات المواطن المصري من أمن وتعليم وصحة ومواصلات وخلافه، ولا يسدد في مقابلها رسومًا.

توفير الأمن للاجئين أمر مكلف جدا للدولة

يضيف اللواء الزيات أن توفير الأمن لهؤلاء الأشخاص أمر مكلف جدًا وكذلك التحقق من خلفياتهم خاصة مع انتشار الفكر المتطرف والهدام في المنطقة، فهناك العديد من الأسماء التي تم استبعادها خلال الفترة القليلة الماضية، منها ما تم الإعلان عنه ومنها من لم يتم.

يوضح الخبير الاستراتيجي أن أحكام التاريخ ووقائعه لا يمكن إغفالها، فمصر لطالما كانت ملجأ للملهوف، فعلى مر العصور استضافت الأرمن المضطهدين أيام حكم الدولة العثمانية، ودولة أرمينيا لا تزال تحتفظ لمصر بهذا الجميل وتذكر به في معرض حديثها عن وقائع المجازر التي تعرض لها الأرمن، وكذلك كانت مصر للأشقاء في العراق والجزائر وسوريا وليبيا والسودان والصومال فضلًا عن دول إفريقية أخرى، لذلك لا يمكن إغفال هذه القوى الناعمة لمصر، لكن في ذات الوقت من الضروري إدارة الملف بحكمة ورشد، وظني أن الإجراءات المتبعة حاليًا في هذا الملف تدخل ضمن الإدارة الحكمية والراشدة لهذا الملف، وربما نرى خلال الفترة القليلة المقبلة تعامل جديد مع ملف اللاجئين في مصر.

يؤكد اللواء الزيات أن الدور المصري رائد أيضًا في التصدي للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فمصر لعبت دورًا في منع الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا من دون ابتزاز أو مزايدة لأحد من دول أوروبا التي تعد وجهة المهاجرين مثل ألمانيا وإيطاليا، فمصر تصدت للهجرة غير الشرعية من منطلق أخلاقي رافض أن تتحول لدولة ترانزيت أو مصدرة للهجرة غير الشرعية.

تحذير من إقامة أي تكتلات إثنية أو عرقية

وعن التحديات الأمنية الناتجة من ملف اللاجئين، يقول أيضا اللواء الزيات، أن على الدول المستضيفة للاجئين بأعداد كبيرة أن تمنع بشكل مطلق وحاسم إقامة أي تكتلات إثنية أو عرقية قائمة على الشكل أو اللون أو اللغة داخل الدولة؛ فبعض اللاجئين رغبة منهم في الحفاظ على ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأنماطهم المعيشية، يقومون بتكوين تكتلات تتحول مع الوقت إلى قوى ضغط تستخدم بعد ذلك في الضغط على الدول المضيفة، لذلك على الأجهزة الأمنية منع حدوث ذلك بشكل قطعي، وإصدار تشريعات حاسمة تمنع حدوث ذلك.

يوضح اللواء الزيات أن العامل الأول لرفض أوروبا للاجئين أو حتى استقبال مهاجرين، رغم قلة العمالة عندهم هو خوفهم من حدوث تغيير في التركيبة السكانية، وبالتالي حدوث تغيير ديموغرافي.

اللواء عبد الحميد خيرت، يرى أن مشكلة اللاجئين ليست في العبء الاقتصادي وحده، لكن المشكلة الأكبر والأعمق والأكثر خطورة بحسب رأيه، هي ما تتسبب فيه هذه الأعداد خلل في التركيبة السكانية، وتخلق عرقيات داخل المجتمع المصري، والتي قد ينجم عنها مشكلات سياسية وأمنية مستقبلًا، يضيف اللواء خيرت عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن معظم اللاجئين جاءوا من دول مشاكلها كانت لأسباب عرقية وطائفية وقبلية، مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان، مضيفًا: “الموضوع مع تقديري الكامل للاعتبارات الإنسانية يندرج تحت الأمن القومي الصرف”.

على الجانب الآخر، يرى الكاتب الصحفي الناصري، عبدالله السناوي أن استضافة اللاجئين وإغاثتهم تعزز قوة مصر الناعمة، وهو أمر يجب دعمه.

ويقول السناوي لـ "الرئيس نيوز"، إن ضيوف القاهرة لم يكونوا يومًا سببًا في أزمة مصر الاقتصادية، السياسات الاقتصادية الخاطئة هي الجزء الأكبر من المشكلة، فاللاجئون في مصر ليسوا في مخيمات، بل ينخرطون في المجتمع ويعاملون معاملة المصريين، هذا الاندماج يساهم في النشاط الاقتصادي والتجاري ويترك بصمات واضحة في المجتمع، كما يجب أن تستمر مصر في تقديم الدعم لضيوفها، والبحث عن مصادر تمويل تضمن استمرارية تلك الأدوار الإنسانية. الأزمة الاقتصادية قد تجعل هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى.

بينما بدأت دولًا أوروبية في اتباع سياسات تتخفف إلى استبعاد الكثير من اللاجئين من أراضيهم بسبب تحميل أعباء اقتصادية على بعض الدول الأوروبية، يظل الأمر محورًا للنقاش والتحدي في العديد من المناطق، دعونا نلقي نظرة على بعض الجوانب المتعلقة بملف اللاجئين في مصر:

البرلمان البريطاني يقر قانون ترحيل اللاجئين إلى رواندا وسط جدل واسع

بعد جدل طويل ومعارضة شديدة، أقر البرلمان البريطاني أخيرًا قانونًا يسمح بترحيل اللاجئين الذين دخلوا البلاد بشكل غير شرعي إلى رواندا. 

تمت الموافقة على القانون بعد تأخيرات استمرت لأشهر بسبب النقاشات بين مجلس اللوردات ومجلس العموم، حيث اختار مجلس اللوردات في النهاية عدم إجراء المزيد من التعديلات، مما مهد الطريق لإقراره. ينتظر القانون الآن المصادقة الملكية ليصبح نافذًا.

القانون، الذي واجه انتقادات من قضاة المحكمة العليا ونشطاء حقوق الإنسان الذين وصفوه بأنه غير قانوني وغير إنساني، لا يزال يواجه معارضة من مدافعين عن حقوق المهاجرين الذين تعهدوا بمواصلة الكفاح ضد هذا الإجراء. من جانبه، تعهد رئيس الوزراء ريشي سوناك بالشروع في تنفيذ عمليات الترحيل خلال فترة تتراوح بين 10 و12 أسبوعًا.

البرلمان الأوروبي يتبنى تعديل سياسات اللجوء

تنص الحزمة على إقامة مراكز حدودية للمهاجرين غير النظاميين ريثما يتم دراسة طلبات لجوئهم وتسريع إجراءات ترحيل أولئك الذين لم يتم قبولهم.

وباسم التضامن الأوروبي، سيتوجب على بلدان الاتحاد الأوروبي استقبال آلاف طالبي اللجوء من الدول التي تعد “على خط المواجهة” مثل إيطاليا واليونان في حال شعرت بأنها تحت الضغط نتيجة تدفق المهاجرين.

كخيار آخر، يمكن لدول الاتحاد الأوروبي الأخرى تقديم المساعدة المالية وغيرها من الموارد للبلدان التي تعاني من الضغط، أو المساعدة في تأمين الحدود.

ومن بين الإجراءات الأخرى المثيرة للجدل، يُقترح إرسال طالبي اللجوء إلى بلدان خارج الاتحاد الأوروبي التي تعتبر “آمنة” إذا كان للمهاجر رابط ما مع هذه الدولة.