الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

على الجبهة العراقية السورية..خط المواجهة الأخير لتنظيم داعش (1)

الرئيس نيوز

قائد عمليات اللواء الخامس بمنطقة تل صفوك: لا نطمئن لخطوطنا الخلفية والأمامية

الاعتماد على المجسات الحرارية والنظارات الليلة لرصد تحركات العناصر ليلا

بؤر إرهابية بجبال الموصل وخلايا نائمة بمحافظات صلاح الدين وديالى ونينوى وقطع الإمدادات عن التنظيم بالسيطرة على طريق البعاج

 

هل يتمكن تنظيم "داعش" من استعادة نفوذه فى العراق؟.. هذا السؤال الصعب يقلق المجتمع الداخلي والدولي، فهناك مخاوف رسمية وعسكرية من محاولات التنظيم لاستعادة بعض نفوذه فى العراق مرة أخرى، خاصة بعد زيادة نشاطه فى معقله الأخير، بالمناطق الحدودية السورية، "الحسكة" و"دير الزور" و"الرقة"، فهو الآن يحاول التقاط أنفاسه ليستعد للعبور إلى الجانب العراقي مرة أخرى.

هذا القلق دفع القوات العراقية، على مدى الأسابيع الماضية، إلى تعزيز  انتشارها في المناطق الحدودية مع سوريا، بعد سلسلة هجمات شنتها عناصر "داعش" ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المنطقة، حيث تشهد الجيوب المتبقية للتنظيم في محافظة دير الزور مواجهات عنيفة مع قوات سورية الديمقراطية.

وأصبح "داعش" على الحدود العراقية في تهديد جديد لمسافة 268 كم من شمال منطقة الرمانة وصولا إلى تل صفوك جنوب سنجار التابع لمحافظة نينوى.

الرحلة من بغداد إلى الحدود العراقية مع سوريا، طويلة ومجهدة، فعلى مدار يومين تنقلت بين المحافظات العراقية للوصول إلى  منطقة تل صفوك العراقية، التابعة لمحافظة نينوي، والمقابلة لعشرات القرى السورية، الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش"، في محافظتي دير الزور، والحسكة.



محطتى الأولى كانت مدينة "الموصل"، التى اضطررت إلى المبيت بها لإكمال الطريق صباحا إلى مدينة سنجار الإيزيدية، وعلى طول الطريق يوضح الدليل بعض الأماكن الصحراوية، التي يتركز فيها عناصر داعش، ويشنون منها هجمات من وقت إلى آخر على القوات الأمنية. وقال الدليل إن الرعاة المنتشرون في المنطقة يمدونهم بالطعام خوفا أو تعاونا.

وتبعد بلدة سنجار عن مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى نحو 145 كيلومترا، ويعد ما يعرف  بقضاء سنجار، طريق الإمداد الرئيسي لتنظيم الدولة، لأنه يصل بين الحدود السورية ومدينة الموصل ثاني كبرى المدن العراقية، التي سقطت في يد تنظيم الدولة عام 2014.

وصلنا لهذا الموقع الاستراتيجي، بعد عبور صحراء واسعة، وسلكنا الطريق الممهد حتى سنجار، لنلتقط الدليل من مستشفى سنونى، حيث تنطلق السيارة  بين دروب جبلية وعرة، على الرغم من أن الطريق ممهد إلا أن تعرجات الطريق بين الجبال وعرة وخطيرة، بينما يصل الدرب من جبل سنجار، عبر عشرات القرى العراقية والكردية، إلى منطقة الحدود عبر البعاج.

وتعد المنطقة بين البعاج والقيروان، إحدى المناطق غير الأمنة حيث يوجد فيها الخلايا النائمة لتنظيم "داعش"، ويتخذه التنظيم الإرهابى معبرا للجانب السورى، حيث يحد قضاء البعاج من الشمال والشرق سنجار والقيروان والحضر، ومن الغرب الحدود السورية ومن الجنوب محافظة الأنبار.

على طول الطريق انتشرت كمائن عسكرية مرفوع بجوارها صور لشهداء المنطقة فى المواجهات مع التنظيم الإرهابى، وسارت أمامنا سيارة الدليل الأيزيدى، المعروف لدى السيطرات الأمنية، وانتشرت قوات عراقية من الجيش والحشد الشعبي في المناطق الحدودية، وعلى امتداد جسر بري في المنطقة الصحراوية حيث ثبتت أسلاكا شائكة.

قادنا الدليل حتى آخر نقطة للحدود بين العراق وسوريا بمنطقة تل صفوك، حيث تمركز اللواء الخامس لقوات الحشد الشعبى.

قرية"صفوك" قرية كاملة لا يظهر بها معالمللحياة، فقط مجموعات من البيوت المهدمة، التى فجرها التنظيم الإرهابى أو تهدمت أثناء عمليات القتال مع القوات العراقية، وعلى الرغم من إحكام السيطرة الأمنية على  المنطقة الحدودية إلا أن النازحين لم يعودوا مرة أخرى إلى منازلهم، فمازال شبح داعش يخيم على الجميع، ولايفارق مخيلتهم  مشهد  أبرز قادة "داعش" عمر الشيشاني، مع الناطق باسم التنظيم آنذاك أبو محمد العدناني، في يونيو 2014 قرب المعبر، وهما يزيلان الساتر الحدودي بين العراق وسوريا، مع إعلان "خلافة" أبو بكر البغدادي.

على بعد كيلومترات قليلة من الحدود، تتجمع قوات اللواء فى أحد المنازل المهجورة  كنقطة لمركز القيادة.

وعلى طول الخط الحدودى تنتشر تمركزات للقوات المرابطة والسواتر الترابية، خلف الساتر يتمركز عدد من الجنود يحملون أسلحتهم يوجهونها فى اتجاه الحدود السورية،  أغلب الجنود من مدينة البصرة، وهى فى أقصى جنوب العراق ،يقول سجاد جواد من أهالى البصرة، يقبع فى مكانه هنا خلف الساتر الترابى منذ 6 شهور مع وصول اللواء الخامس إلى نقطة تمركزه، حيث يبعد عن مدينته مسيرة يومين بالسيارة.

يتحدث سجاد عن الطبيعة المناخية للمنطقة حيث تهاجمهم عواصف ترابية، أو زخات من السيول،مؤكدا أنهم يتحملون تلك الظروف الصعبة "كل شئ أهون من وحشية ذلك التنظيم الإرهابى".

يقول  خلف خير الله قائد عمليات اللواء الخامس، أن الشريط الحدودي العراقي السوري مؤمن بالكامل من قبل الجيش وشرطة الحدود وطوارئ الأنبار والحشد الشعبي وحشد عشائر الأنبار والذي يمسك من أطراف قضاء القائم غربا صعودا إلى منطقة البو كمال والباغوز باتجاه منطقة طريفاوي وتل صفوك المرتبط بقيادة عمليات نينوى.

وأشار إلى أن  مديرية العمليات المركزية في الحشد الشعبي قد أعلنت  حالة التأهب على الحدود العراقية السورية عقب سقوط مواقع تابعة لقوات سوريا الديمقراطية في يد تنظيم داعش.

وسيرت هذه القوات دوريات لعربات مدرعة بين المواقع العسكرية عند الحدود، فضلا عن انتشار جنود مسلحين يصوبون بنادقهم نحو الحدود السورية بالتزامن مع تحليق مروحيات عسكرية تنقل تعزيزات إضافية إلى المنطقة.

وقد تم حفر الخنادق وإنشاء سواتر ترابية عالية لتحصين الحدود العراقية السورية، التي وصلت إليها  من الجهة المتاخمة لمنطقة "سنجار".

وأوضح خير الله أن وجود عناصر داعش في بعض المناطق الحدودية بين العراق وسوريا يتيح لهذه العناصر حرية حركة، وبعضهم يحاول الدخول إلى الأراضي العراقية، لكن يقابل ذلك إجراءات أمنية مكثفة وتعزيز من تواجد القوات في المناطق الحدودية للتصدي لهذه العناصر التي تحاول الفرار إلى داخل العراق.

ويضيف "منذ أقل من شهرين  كانت عناصر داعش تتحرك أمامنا على بعد 5 كيلو مترات فقط، حاليا  لابد من التنسيق فى الحدود المشتركة، والتنسيق مع قوات "قسد" يخضع للضرورة كونهم المسيطرين على الشريط الحدودى فى تلك المنطقة من الجانب السورى.

وأوضح أنه فى هذة النقطة  تقابلنا الحسكة السورية  حتى عمق 60 كم داخل الحدود السورية، ولكننا غير مطمئنين للعمق السورى من هذة النقطة، كما اننا لا نطمئن للعمق العراقى من خلفنا، حيث لا تزال بقايا داعش تجوب المناطق داخل العراق، وتهدد قوات الحشد من الخلف. ويقول  لدينا مشكلة 360 درجة هنا، لدينا حدود أمامنا وخلفنا تمتد إلى أراضٍ عراقية ما زالت عناصر داعش تعمل فيها.

يضيف أن التنسيق يجب أن يكون مع الجيش السورى والدولة السورية المعترف بها دوليا ولكن كأمر واقع نقوم بالتنسيق مع قوات قسد لضبط الشريط الحدودى .

المنطقة جزيرة واسعه مترامية الأطراف وهناك خلايا لداعش، لدينا جيش استخباراتى كبير نحدد البؤر الخاصة بهم ونقوم بمداهمة هذة الأوكار بالأليات أو عن طريق القوات الجوية.

ويؤكد خير الله أن داعش لا يستطيع اختراق الحدود العراقية كما حدث فى 2014 ، قوات الحشد الشعبى منتشرة بطول الشريط الحدودى، والجيش بتجهيزاته وعقيدته العسكرية والوطنية، وهناك اطمئنان وتكامل بين قوات الحشد والجيش العراقى، مما يجعل اختراق الحدود شبه مستحيل .

يوضح خير الله أن هناك دعم كبير من الطيران العراقى، كما شنت العمليات تحرير وتطهير نحو 175 قرية في النطاق الصحراوي للجزيرة ، بمساحة تبلغ 14 الف كيلو متر مربع. ثم أطلقت الجزء الثاني من هذه المرحلة بهدف تأمين السيطرة على ما تبقى من قرى في الظهير الصحراوي جنوبي قضائي الحضر والبعاج غربي الموصل.

موضحا أن بهذه النتيجة لم يعد متبقي لتنظيم داعش في العراق سوى قطاع صحراوي محاصر، يقع في المنطقة جنوبي قضاء الحضر وجنوب شرق قضاء البعاج، وهي منطقة باتت معزولة تماماً عن أي أمداد بعد السيطرة الكامل.

وعن استراتيجيات الهجوم التى يعتمدها التنظيم، يقول خير الله أن التنظيم يعتمد على القنص والسيارات المفخخة وهجمات تنفذ بمدافع الهاون، ومدافع 23، والمدفعية المتوسطة، والعجلات المفخخة.

وبوضح أن أفراد التنظيم يعتمدون على الحركة ليلا للتسلل عبر الحدود، وأن القوات الأمنية تعتمد على مجسات حرارية، ونظارات ليلية لكشف أى محاولات اختراق فردية.

يضيف خير الله أن النقطة الثانية الأكثر التهابا على الحدود العراقية السورية ، بالقرب المعبر الحدودي بين منطقتي القائم العراقية والبوكمال السورية.

موضحا أنه مؤخرا اشتدت المعارك فى دير الزور السورية بين المجاميع الإرهابية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)الأمر الذى دفع عددا من قيادات داعش وعناصرها للتسلل نحو الحدود العراقية.

وقد تم إرسال تعزيزات من الجيش العراقى قوامها لواءين إلى مدينة القائم غربي محافظة الأنبار،تحسبا لهجمات قد يشنها التنظيمويأتي هذا الإجراء بعد أيام قليلة من سيطرة مسلحي التنظيم على مواقع جديدة بمحافظة دير الزور السورية، بالقرب من الحدود مع العراق.

 

 

 

بينما يتبع الخلايا النائمة للتنظيم وبعض فلوله هجمات على المدن العراقية من وقت لأخر ونفذت خلايا تنظيم داعش النائمة في العراق في الأشهر الأخيرة غارات وكمائن ضد قوات الأمن العراقية وضد المدنيين، لا سيما في محافظات الأنبار وكركوك وصلاح الدين .

ويقول العميد يحى رسول المتحدث باسم العمليات المشتركة أن هناكعناصر قليلة فى منطقة جرف الصخر بالقرب من الحزام الأمنى الضيق لبغداد ، حيث تكثر فيها الأشجار الكثيفة بالإضافة إلى المنازل ، وهذا ما جعله عامل أساسي لعدم تمكن القوات الأمنية من دخول تلك المنطقة، ما أتاح للإرهابيين سهولة التخفي والتنقل بها".

أيضا بمحافظة بابل ومركزها مدينة الحلة، تعد من أكثر محافظات الوسط ويتخذ تنظيم داعش من مناطقها الشمالية المحاذية لبغداد والأنبار ملاذا له لشن هجماته .

ويضيف المتحدث باسم العمليات المشتركة أن القوات الأمنية نجحت فى تدمير العديد من الأنفاق فى سلسلتى بادوش والعطشانة شمال غرب الموصل .

مشيرا إلى أن "داعش موجود في الصحراء الفارغة وبين الجبال، ولا تزال لديه خلايا صغيرة، إنهم ليسوا بأعداد كبيرة ولكنهم يطلقون هجمات مفاجئة وسريعة، ولديهم أشخاص داخل البلدات يساعدونهم".

وكذلك فقد شنت القوات الأمنية عمليات مسح لجبال حمرين شرق محافظة صلاح الدين، والتى تمثل عقدة صعبة، لأنها تتميز بتضاريس وعرة، ويختبئ بها عناصر للتنظيم.