الثلاثاء 30 أبريل 2024 الموافق 21 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

" ثغرة الدفرسوار".. شاهد على الحدث يحكي عن خسائر العدو في معركة استمرت 72 ساعة

الرئيس نيوز

- الخطة «شامل» كانت ستقضى على العدو بالكامل فى الثغرة لولا وصول «كيسنجر» ووقف إطلاق النار

على الرغم من أن ثغرة الدفرسوار كانت بمثابة شوكة في ظهر الجيش أثناء حرب الكرامة، إلا أن الحكايات المتواترة تشير إلى أن العدو تكبد خلالها خسائر باهظة. 

اللواء محمد زكى الألفى، أحد أبطال حرب أكتوبر، سرد ذكرياته مع أيام النصر، مؤكدًا أن خسائر العدو الإسرائيلى فى ثغرة الدفرسوار كانت أكبر من أى تصور، حتى إنه أخفاها حتى لا يتم توثيقها، موضحًا أن القوات المسلحة المصرية كانت مستعدة لتصفية الثغرة تمامًا والقضاء على قوات العدو بالكامل، لولا وصول وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر ووساطته للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.

تفاصيل ثغرة الدفرسوار فى حرب أكتوبر 1973

وأوضح اللواء الألفى، خلال حديثه لبرنامج «الشاهد»، الذى يقدمه الإعلامى الدكتور محمد الباز، على فضائية «إكسترا نيوز»، أن كل ما يثار حول أن معركة الثغرة أنهت الانتصار المصرى غير صحيح، لأن القوات المصرية استطاعت مواجهة العدو لـ٣ أيام كاملة رغم ما تلقاه من دعم هائل فى السلاح والمعدات عبر الجسر الجوى الأمريكى، مشيرًا إلى أن الفرقة ١٦، التى كان المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع فيما بعد، أحد قادتها برتبة مقدم، كانت أكثر الفرق التى قاتلت خلال حرب أكتوبر المجيدة وتحول رجالها إلى ما يشبه أبطال الأفلام فى تعاملهم مع العدو وإبداعهم فى مواجهته حتى النصر أو الشهادة.

يقول اللواء الألفي: “من يقولون إن الثغرة غيرت مجرى الحرب مخطئين، وهذا الكلام غير مُحقين تمامًا، لأن الحرب مجموعة من المعارك، كر وفر، ولم يفر المصريون أبدًا، وفى نفس الوقت تعرضنا لهجوم شرس وغير طبيعى من حيث الأعداد والأنواع وإمكانات التسليح، خاصة بعد فتح الجسر الأمريكى للعدو الإسرائيلى، لدعمه. وفى منطقة الدفرسوار، وقرية الجلاء، المعروفة باسم «المزرعة الصينية»، كانت هذه المنطقة تُستصلح حتى تتم زراعتها، وكانت تحتاج لمواتير رفع المياه من ترعة السويس، وكانت مجهزة من عام ١٩٦٧، وعندما رأى الإسرائيليون هذه المواتير ظنوا أنه مكتوب عليها باللغة الصينية، فأطلق عليها ذلك الاسم”. 

يضيف: "القصة أن القائد أحمد إسماعيل، قائد الفرقة ١٨، عندما تم عمل رأس الكوبرى النهائى، توقف عند مكان محدد حسب الخريطة المرسومة، وكان لا يجب الخروج منه حتى لا تؤثر المدفعية على الجنود، ووجد ترعة فرعية جافة بطول مواجهة الكتيبة، فأمر القوات بأن تستند إلى الجانب الغربى لهذه الترعة، وتكون خندقًا مضادًا للدبابات من العدو الإسرائيلى، وكان لهذا القائد فضل كبير فى الحفاظ على الكتيبة. وفعلًا بدأ العدو تجميع دبابات كبيرة فى مواجهة هذه المنطقة، وكان يوجد لواء ميكانيكى مصرى فى تلك المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثانى والثالث، ونتيجة لهذا التجمع الكبير من الدبابات تمت مهاجمة الكتيبة من العدو بفرقة شارون، وكانت عبارة عن ٤ ألوية مشاة ومدرعات، لأن العدو كان يريد عمل هجوم مضاد علينا بهذه الفرقة. وفى آخر نهار يوم ١٥ وليل يوم ١٦ أكتوبر بدأ الهجوم الشامل من كل الاتجاهات والجوانب المتوازية مع البحيرات حول الكتيبة، ولكن حصلت مقاومة شديدة من الكتيبة، لأن عملية الهجوم الشامل للعدو بدأت فى ١٦ أكتوبر ولكننا قاتلنا حتى صباح اليوم التالى. وأشهر المقاتلين فى هذه المنطقة كان يسمى نوارين الباسل، وكان يشبه شخصية «رامبو» فى الأفلام، وكان قائدًا جسورًا وباسلًا، وإلى جواره محمد الشافعى عطية، وهو من ميت غمر، وكانا مصممين على القتال الشرس حتى الشهادة، وكان يتم التلقيم بصاروخين متتاليين حتى تتم إصابة الهدف".

يتابع: "وبعد توجيه النيران على مركبات العدو من قوات المشاة، كان هناك دخان كثير، ورغم أنه لم تتم إصابة بعض دبابات العدو فإنهم كانوا كلما اقتربوا من الكتيبة تراجعوا مجددًا، ولم يستطيعوا التقدم، كما تم أسر عدد من الدبابات ومدرعات العدو نتيجة لشجاعة المقاتلين المصريين. وفى ناحية أخرى من الكتيبة، كان العدو يتقدم بدبابات نصف جنزير ألمانية، فتصدى له الرقيب غرباوى، والجندى مرعى من المنيا، ودمرا الدبابة بالمدفع «ب ١١»، وكذلك الرائد أحمد كحيل، قائد السرية الثانية، الذى دمر عربتين ودبابة للعدو بإمكاناتنا المحدودة المقابلة للتسليح العالى للعدو. وهنا نقول: ليس الرجال بالسلاح ولكن السلاح بالرجال، فالسلاح «ب ١١» يطلق القذيقة ويكشف مكان المقاتل للعدو، ومع ذلك تم أسر ٧ جنود من الإسرائيليين فى هذه المنطقة، والرائد أحمد كحيل، قائد السرية الثانية، أصيب فى أذنه ولم يترك موقعه، ولم يتمكن العدو من دخول موقع الكتيبة قولًا واحدًا، ونفذنا كل هذه التكتيكات لطلبة الكلية الحربية ليتعلموا من التجربة".

يوضح اللواء الألفي أن المواجهة بين القوات المصرية والإسرائيلية فى ثغرة الدفرسوار استمرت لمدة ٧٢ ساعة كاملة، ثم عاد الجنود لحضن القوات لاستعادة الأوضاع وإغلاق المكان، وقد كنا مرابضين فى الموقع، وثابتين معنويًا، ولم ننسحب دون خطة، وكان التعامل مع الثغرة تعاملًا مثاليًا، وبمنتهى الرجولة والوطنية والانتماء، وكان هناك سائق، اسمه عادل، ظل يخلى المصابين ويمر بالسيارة بين الإسرائيليين بسرعة جنونية ولم يمكنهم إيقافه وسبب لهم جنونًا، حتى إنهم نصبوا له كمينًا بالدبابات واستشهد، فقد ضربوه من أكثر من دبابة لأنه كان يتحرك بسرعة شديدة. وكذلك كان هناك النقيب أحمد عادل المهدى، من حلوان، وكان قائد سرية الهاون ٨٢، واستفاد من الترعة الجافة ووضع بها سرية الهاون فى الأمام لتعطيه مدى أطول، وكان أقصى مدى له هو ٢.٥ كيلومتر، ومن المفروض أن يبقى خلف المشاة، لكنه خالف التكتيك ليستطيع إصابة العدو لأطول مسافة. وكذلك، كان هناك سامى الزرقانى، مدفعية، من قليوب، وقد ضرب على العدو حتى انتهت ذخيرته، وعند نفاد الذخيرة فكوا المدافع ودفنوها حتى لا يأخذها العدو، ثم عدنا لأخذها. وفى كل شىء فى حرب أكتوبر كان هناك إبداع، فقد كان الجنود يخالفون التكتيك للتغلب على المواقف والصعوبات أمامهم، وكانت خبرات القتال الذى يدور يوميًا تنشر على باقى القوات، وتقوم القيادة بتحليلها فى نهاية اليوم، ويومًا بيوم، وتقف على نقاط الضعف ونقاط القوة، وتعمل على تقوية نقاط القوة، وإيجاد حلول لنقاط الضعف".

وحول خسائر شارون، يقول اللواء الألفي: "خسائر الإسرائيليين فى ثغرة الدفرسوار كانت ضخمة جدًا ويصعب وصفها، لكن العدو رفع جميع خسائره من المكان حتى لا يتم تصويرها وتوثيقها، فالعدو لقى خسائر ضخمة جدًا فى المعدات، خاصة فى الأفراد، وأصيب قائدهم آرئيل شارون، لكن العدو كان يسحب خسائره بسرعة، ويصلح ما يمكن إصلاحه حتى لا تسجل فى أرقام الخسائر. فنحن نعترف بخسائرنا فى الأفراد على عكس إسرائيل، لأن الشهيد المصرى هو فخر لبلده، لكن العدو كان يكذب فى عدد قتلاه".