الأربعاء 24 أبريل 2024 الموافق 15 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

كيف يعيش أهل العريش؟ ..(زيارة خاصة)

الرئيس نيوز

«ليس من رأى كمن سمع».. هكذا تؤكد المقولة التراثية أن المعرفة التامة بأحداث معينة وأوضاع منطقة ما، لا يكون إلا بالوجود فى قلبها، والاحتكاك بقاطنيها، وسؤالهم والحديث معهم عن كل شىء.

شمال سيناء واحدة من هذه المناطق، فبرغم القضاء على غالبية الجماعات التكفيرية هناك، وعودة الحياة لطبيعتها بنسبة كبيرة لمواطنيها، بعد مرور نحو ٦ أشهر على بدء العملية العسكرية الشاملة «سيناء ٢٠١٨»، إلا أن عددًا من وسائل الإعلام الخارجية المعادية لمصر، يحاول- على مدى الساعة نقل صورة غير حقيقية عن الأوضاع فى «أرض الفيروز».

لا تُفاجأ إذا ما علمت أن أسواق سيناء تعمر بالزبائن والمنتجات، ومقاهيها يجلس عليها المواطنون دون خوف، ومشروعات تُقام بلا تعطيل، وأهاليها يذهبون لقضاء العطلات الصيفية فى المصايف. إذا كنت لا تصدق متأثرًا بمزاعم وفبركات الإعلام المعادى، «الدستور» تصطحبك إلى شمال سيناء، حيث توجهنا إليها لنقل أوضاع مدنها على أرض الواقع، ومعايشة حياة مواطنيها اليومية، للوقوف على مدى تأثير العملية الشاملة على حياتهم.

 

قائد عسكرى: المواطنون فى الشوارع وعلى المقاهى.. و«الأزهر»: الدراسة لم تتوقف

البداية عند أحد القادة العسكريين فى شمال سيناء، الذى بدأ حديثه بتأكيده أن الحياة عادت لطبيعتها إلى مدينة «العريش» وبقية مدن المحافظة.

وقال القائد العسكرى إن قوات إنفاذ القانون راعت المعايير الدولية فى كل ما يتعلق بالعملية العسكرية، لأن «المواطن أهم من أى شىء آخر»، مشددًا على أن كل طلقة أطلقت سبقها تخطيط ودراسة شاملة لتحديد هدفها من الإرهابيين.

وأضاف: «أسهمت العملية العسكرية الشاملة فى تدمير البنية التحتية للجماعات الإرهابية، ورغم تضمنها ما يشبه حربًا مع هذه الجماعات، إلا أننا حرصنا على استمرار الحياة اليومية دون أى تغيير كبير».

وتابع: «ربما توقف بعض مظاهر الحياة قليلًا بحكم طبيعة العمليات، إلا أن كل شىء الآن عاد أفضل من ذى قبل، وأصبح المواطنون يخرجون لشوارع القرى والمدن بأمان، ويجلسون على المقاهى ويمارسون يومهم الطبيعى بكل أريحية ودون أزمات».

وأشار إلى حرص القوات المسلحة على تأهيل شباب شمال سيناء الراغبين فى الالتحاق بالكليات العسكرية، بعدما تقدموا بأوراقهم، لافتًا إلى أن عددهم وصل إلى نحو ١٠٠ شاب.

وأضاف: «فضلنا عدم تركهم يذهبون فى رحلات مرهقة طلبًا للتأهيل العسكرى فى القاهرة، وأعددنا لهم برنامجًا رياضيًا لبناء أجسادهم وتأهيلهم للقبول واجتياز الاختبارات الطبية»، معتبرًا ذلك دليلًا على أن أهالى سيناء شأنهم شأن أى مواطن يرغب فى الالتحاق بأى كلية، دون أى تمييز من أجهزة الدولة.

وفيما يتعلق بأوضاع التعليم فى سيناء، وتحديدًا الأزهرى الذى يشهد إقبالًا من أبنائها، يقول على صلاح حراز، مدير الإدارة التعليمية الأزهرية فى مدينة «بئر العبد»، إن الدراسة مستمرة ولم تتعطل أبدًا، ولا يعانون أى أزمات، لافتًا إلى أن الشيوخ والمعلمين المكلفين بالتدريس لم يتغيبوا يومًا واحدًا.

واستشهد بأن الطالب الثانى على مستوى الجمهورية فى الثانوية الأزهرية، هو «أحمد عبدالمولى»، أحد أبناء شمال سيناء، لافتًا إلى رغبته فى أن يكون طبيبًا فى القوات المسلحة.

وكشف عن أن الإدارة التعليمية الأزهرية فى «بئر العبد» يتبعها ٣٤ معهدًا أزهريًا، بواقع ٧ ثانوية و١٣ إعدادية و١٤ ابتدائية، بجانب معهدين للقراءات.

وإلى جانب التدريس، تقع على عاتق الأزهر مهمة مواجهة الفكر المتطرف وتجديد الخطاب الدينى، وفق «حراز»، الذى يذكر أن: «الأزهر والأوقاف يوفدان لجانًا وقوافل مستمرة لجميع القرى، بجانب شرح مبادئ وسطية الإسلام فى المدارس والمساجد، التى كانت تتبع المتشددين قديمًا».

وأضاف: «من وقت لآخر يأتى إلى شباب يسألوننى عن الجهاد وأشكاله، فأقنعهم بأن الجهاد هو جهاد النفس قبل كل شىء، وأشرح لهم المفاهيم الوسطية للإسلام»، لافتًا إلى القيمة والمكانة الكبيرة التى يحظى بها «الشيخ الأزهرى» فى الحياة القبلية بسيناء.

وروى: «ناقشت شابًا عشرينيًا يحمل فكرًا متطرفًا، وحاولت أقنعه بالأسانيد والأدلة، لكنه كان يرفض ويحاول إقناعى بفكره الخاص، لكننى- وبعد وقت ليس بالقليل- تمكنت من إقناعه وإعادته لرشده وإبعاده عن الفكر التكفيرى».

وأشار إلى وجود لجنة للإفتاء تتلقى أسئلة المواطنين فى سيناء وتجيب عنها وفقًا للقرآن والسنة، كاشفًا عن أن أغلب تلك الفتاوى يدور حول القتل والدية والطلاق.

 

«المستشفى الجديد»: نعمل 24 ساعة.. ونقل الحالات الحرجة دون أزمات

إلى جانب الحياة اليومية العادية، وأوضاع التعليم، يبرز ملف الصحة فى شمال سيناء، الذى شهد تطورات كبيرة بفضل العديد من الجهود، على رأسها بدء العمل فى مستشفى بئرالعبد المركزى، الذى وصفه نائب مديره الدكتور محمد منصور، بأنه «نقلة طبية غير مسبوقة لخدمة أهالى شمال سيناء، وأبناء مركز ومدينة بئر العبد».

وقال «منصور»: «أنهى (المستشفى) بشكل كبير الأزمة الطبية التى كانت موجودة فى شمال سيناء، بعدما غطى بخدماته نحو ٢٠ قرية كانت تعانى غياب الخدمة الصحية وعدم وجود غرف للعناية المركزة أو حضّانات للأطفال».

وكشف نائب مدير المستشفى عن أن المستشفى الجديد زود بقدرة استيعابية تصل إلى ٩٠ سريرًا، وتوافر به أفضل التجهيزات الطبية مثل الأشعة المقطعية وأشعة الرنين المغناطيسى، بجانب ٤ غرف للعمليات الجراحية و٨ للعناية المركزة وقسم للكلى، بالإضافة إلى ١٠ أقسام طبية متخصصة.

وأضاف أن «العيادات الخارجية أصبحت تعمل بشكل يومى لخدمة المواطنين بقيمة كشف لا تزيد على جنيه واحد، وكنا نعانى من عدم القدرة على إجراء جراحات فى تخصصات القلب والأوعية الدموية والمخ والأعصاب، لكننا نحظى حاليًا ببروتوكول تعاون طبى مع ٤ جامعات، ما أسهم فى توافر كل الخدمات الطبية لمن يحتاجها».

واعتبر أن وجه القصور الوحيد فى المستشفى حاليًا يتمثل فى نقص القوة البشرية من الأطباء، خاصة النواب المقيمين رغم توافر الأعداد المطلوبة فى صفوف التمريض.

من جهته، قال الدكتور أحد سلمى منصور، رئيس الهيئة الطبية رئيس قسم الجراحة بالمستشفى: إن «المستشفى أصبح يشمل جميع التخصصات الطبية لخدمة أهالى شمال سيناء، كما تتوافر به الأدوية والعلاجات بشكل لم يكن موجودًا من قبل».

وأضاف أن «المستشفى الجديد أكثر تطورًا بشكل كبير عن نظيره القديم الذى لم يكن يتسع إلا لعشرين سريرًا فقط، ويسمح بإجراء عمليات جراحية بسيطة نظرًا لغياب غرف العناية المركزة».

وأشار إلى أن المستشفى يحظى حاليا بتسهيلات عظيمة تتمثل فى قدرة سيارات الإسعاف على التنقل بسهولة بين الكمائن الأمنية والتنسيق مع كل الجهات لنقل المرضى والحالات الحرجة إليها، بالإضافة إلى تقديمه خدمات الطوارئ ٢٤ ساعة فى جميع التخصصات.

وكشف عن أن معظم العاملين فى المستشفى سواء كانوا أطباء أو ممرضين أو موظفين هم من أبناء سيناء، لذا فهم أكثر قدرة على التواصل مع المرضى وتفهم عاداتهم ومتطلباتهم.

 

«التموين»: السلع متوافرة.. المخابز بكامل طاقتها.. والاحتياطى يكفى 6 أشهر

قال على سليمان صالح، مدير عام إدارة التموين فى «بئر العبد»، إن كل السلع التموينية متوافرة للمواطنين على بطاقات التموين، تنفيذًا لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووزير التموين الدكتور على المصيلحى.

وأضاف أن «كل المخابز تعمل بكل طاقتها الإنتاجية، خاصة مع توافر الدقيق الخاص بها، مع صرف ١٠ كيلو دقيق لكل مواطن فى سيناء».

وكشف عن تلقى تعليمات بإضافة كل المواليد الجدد على بطاقات التموين الخاصة بأهالى سيناء، مشيرًا إلى وجود ٩ مكاتب تغطى مدينة «بئرالعبد» بأكملها، بجانب ٢٤ وحدة محلية تغطى كل احتياجات المواطنين، بدءًا من قرية «الروضة» حتى «بالوظة».

وأضاف أن «أى مواطن فى سيناء ينتهى من إجراءات استخراج بطاقته التموينية فى أسرع وقت بعد مراجعة أوراقه، لصرف السلع التموينية».

وعن الأسعار فى أسواق سيناء، قال: «أقل من الموجودة فى الوادى، فالطماطم لا تتخطى الجنيهين حسب جودة المنتج، والخيار من ٣ إلى ٥ جنيهات، والعنب ٨ جنيهات، أما اللحوم فتباع بأسعار مخفضة لا تزيد على ١٢٠ جنيهًا». وأشار إلى توقيع بروتوكول مع وزارة التموين لتوريد خراف عيد الأضحى للمواطنين، وتوفير احتياجاتهم المختلفة، مضيفًا: «لا نعانى أى أزمات فى دخول المنتجات إلى سيناء، ولدينا احتياطى وسلع استراتيجية تكفى ٦ أشهر».

 

شيوخ بئر العبد: الإرهابيون انقرضوا.. وأهالى الروضة عادوا بعد توافر الخدمات

كشف الشيخ عياد سالم عياد، شيخ قبيلة «الدواغرة»، وأحد كبار القضاة العرفيين فى بئر العبد، عن استتباب الأمن بالمدينة كأبرز نتائج العملية الشاملة، معتبرًا أن «الأمن والأمان أهم لديهم من المأكل والمشرب».

من جهته، قال الشيخ أحمد عياد، شيخ قبيلة «بيلى» فى قرية «الروضة»- التى شهدت حادث اعتداء الإرهابيين على المصلين خلال خطبة الجمعة- إن العناصر التكفيرية انقرضت من سيناء ولم يروا أيًا منهم بعد الحادث، بعدما كانوا دائمى الظهور على الطرق، مرجعًا ذلك إلى الحراسة التى وضعتها القوات المسلحة والشرطة المدنية على مدار الـ٢٤ ساعة.

وأضاف: «الكثير من الأهالى- الذين تركوا القرية بعد أن تسبب الحادث فى صدمة نفسية لهم لوفاة الكثير من ذويهم- بدأوا فى العودة للقرية بعدما تمت إعادة بناء المسجد من جديد، وبدأ جهاز المدينة، بأوامر عليا، فى إعادة تأهيل وبناء معظم منازل القرية وإدخال الخدمات لها من جديد، كالنجارة والسباكة والتشطيبات، بعد صرف تعويضات كبيرة من أكثر من جهة للمتضررين وأسر الشهداء».