الأربعاء 01 مايو 2024 الموافق 22 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

وول ستريت: تحذر إدارة بايدن من تجاهل الشرق الأوسط

الرئيس نيوز

تكشف الحرب الجارية في بين روسيا وأوكرانيا عن حماقة اعتبار حلفاء أمريكا القدامى أمرًا مفروغًا منه، ولذا حذر والتر راسل ميد، في تقرير نشرته وول ستريت جورنال من أن هجوم الروس على أوكرانيا يختبر صحة وقوة نظام التحالفات الأمريكية في أوروبا وآسيا، فقد احتشد حلفاء الولايات المتحدة بالفعل مثل ألمانيا واليابان للدفاع عن نظام يضمن أمنهم، ولكن ظل الوضع في دول الشرق الأوسط مختلفًا تماما.

عندما طُلب منه زيادة إنتاج الطاقة للمساعدة في تعويض تداعيات العقوبات على روسيا، أخبر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المملكة العربية السعودية تفضل الالتزام باتفاقيات الإنتاج القائمة والتي أبرمتها الرياض مع موسكو وكان رد الإمارات العربية المتحدة، الحليف الأمريكي القديم، فاترا بنفس القدر، حيث امتنعت عن تأييد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدين العدوان الروسي قبل أن تدعم قرارًا أقل أهمية في الجمعية العامة وتسعى إسرائيل، التي يتعين عليها تنسيق أنشطتها العسكرية مع السلطات العسكرية الروسية ولديها علاقات عميقة مع كل من روسيا وأوكرانيا، إلى تجنب الانحياز إلى الولايات المتحدة أو روسيا بينما تتنقل في فوضوية لافتة بينهما.

كانت إدارة أوباما كارثة حقيقية لشبكة التحالفات الأمريكية في الشرق الأوسط، واستمر ذلك إلى الانسحاب المبكر من العراق ثم الفشل في تطوير سياسة بناءة تجاه الربيع العربي، وخاصة في مصر علاوة على الآثار البائسة للتدخل في ليبيا وخلقت الحسابات الخاطئة المتسلسلة في سوريا التي انتهت بوضع روسيا وإيران في مقعد القيادة وإشعال حرب أهلية وحشية وانهيار لبنان انطباعًا عميقًا عن عدم الكفاءة الأمريكية وعدم الثقة في واشنطن عبر أنحاء المنطقة.

ومؤخرًا، أدى اندفاع الرئيس السابق باراك أوباما المحموم، كما رأت القوى الإقليمية، إلى اتفاق نووي مع إيران ضحى بالمصالح الأمنية الأساسية لحلفاء الولايات المتحدة القدامى لتسهيل خروج أمريكا من منطقة لم تعد ترغب في الدفاع عنها، ما ضاعف وعمق الشعور باليأس، وفي حين أن السياسة الأمريكية كانت ظاهريًا أكثر تفضيلًا لشركاء أمريكا في الشرق الأوسط خلال عهد ترامب، إلا أن قلة في المنطقة أعجبوا بكفاءة الرئيس ترامب أو رغبته في إحكام قبضته على السلطة وفي جميع أنحاء المنطقة اليوم، يُنظر إلى العلاقات الجيدة مع روسيا والصين على أنها مكملات ضرورية لتحالف أمريكي متلاشي وقيمته مشكوك فيها. 

ولفت التقرير إلى أنه إذا أرادت أمريكا منع المزيد من حصد المكاسب من قبل روسيا والصين واستعادة مكانتها المركزية في الشرق الأوسط، فسيتعين على سياساتها أن تتغير، قد تؤدي صدمة أوكرانيا إلى إدراك واشنطن حجم التكلفة الباهظة لتجاهل الشرق الأوسط،  ولكن حتى الآن شاركت إدارة بايدن كل من تشكك إدارة أوباما في قيمة شبكة تحالفات واشنطن في الشرق الأوسط وتجاهلها لخطر إضعاف العلاقات وتبقى المشكلة الجذرية: فشل البيت الأبيض في فهم قيمة الشرق الأوسط الذي لا يزال يمثل أهمية لكل من الاقتصاد العالمي والقوة الأمريكية.

ويقلل العديد من صانعي السياسات والمعلقين بشكل جذري من قيمة العلاقات في الشرق الأوسط التي بنيت ببطء على مدى عقود عديدة ويرجع ذلك جزئيًا إلى التخيلات الطموحة الخضراء حول سرعة تحول الطاقة، جزئيًا إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري الأمريكي والكندي الذي أضعف، حتى وقت قريب، سيطرة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على أسعار الطاقة العالمية، وجزئياً إلى الفشل في فهم أهمية العلاقات السياسية والتجارية العميقة مع الشرق الأوسط للصناعات الأمريكية الرئيسية التي تتراوح من التكنولوجيا إلى التسلح.

من الأمور المهمة للنظام العالمي الليبرالي أن الإمدادات الوفيرة من النفط والغاز الطبيعي تتدفق باطراد من الشرق الأوسط وبأسعار معقولة ومن المهم أن يوازن منتجو النفط الرئيسيون مثل السعودية بين رغبتهم في ارتفاع الأسعار والاهتمام طويل الأمد بعدم الإضرار بالاقتصاد العالمي - وأن يكون المسؤولون الأمريكيون قادرين على التأثير في مداولاتهم ومن المهم أن تتجه الدول البترولية الغنية بالنفط ولكن غير الآمنة جيوسياسيًا أولاً وقبل كل شيء إلى الولايات المتحدة من أجل أنظمة الأسلحة المتطورة، ودعم صناعة الأسلحة الأمريكية وتقليل تكلفة الدفاع عن دافعي الضرائب الأمريكيين.

ومن المهم أن تدرك الصين أن العلاقات الأمريكية العميقة مع الدول المنتجة للنفط تعني أن إمداداتها من الطاقة ستصاب بالشلل في حالة المواجهة مع الولايات المتحدة، التي تعتبر رهينة إمدادات النفط الصينية القابضة، هي واحدة من أفضل الطرق وأرخصها لردع أي هجوم على تايوان، من المهم أن تتمتع الولايات المتحدة بشراكة مميزة مع قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي الديناميكي والموجه نحو الدفاع ومن المهم أن تبيع تركيا طائرات بدون طيار لأوكرانيا.

في حين أن أهداف "القوة الناعمة" الأمريكية في المنطقة (مثل نشر الديمقراطية، وإنشاء دولة فلسطينية ديمقراطية وسلمية) قد تكون بعيدة المنال حتى مع المشاركة الأمريكية المكثفة، فإن أهم الأهداف الأمنية والاقتصادية الأمريكية أصبح تحقيقها أصعب من أي وقت مضى، فقد أدت التوترات العربية الإسرائيلية إلى تعقيد مسار الدبلوماسية الأمريكية الإقليمية، واليوم، معظم دول الخليج متحالفة استراتيجيًا مع إسرائيل بفضل الإصرار الروسي في أوكرانيا وسوريا والقوقاز، تبدو تركيا منفتحة على نوع جديد من العلاقات مع واشنطن والرياض وستعزز شبكة التحالف القوية في الشرق الأوسط، التي تدار بشكل صحيح، استراتيجية السلام العالمية لأمريكا بتكلفة معقولة.