الجمعة 01 نوفمبر 2024 الموافق 29 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

بعد حبس معارضي أردوغان.. أديب تركي حائز على جائزة نوبل يواجه السجن بسبب كمال أتاتورك

الرئيس نيوز


يواجه أورهان باموك، الحائز الوحيد على جائزة نوبل في الأدب في تركيا، تحقيقًا قضائيًا مرة أخرى بعد أن قررت محكمة في إسطنبول متابعة اتهامات بأن أحدث روايات باموك بعنوان  "ليالي الطاعون"، تهين مؤسس تركيا، كمال أتاتورك.

ويواجه الآلاف في تركيا إجراءات قضائية قد تؤدي بهم إلى السجن لسنوات بسبب إهانة أردوغان، ولكن الرئيس الذي قد يحكم على أديب نوبل بسببه في هذه الحالة، لم يكن أردوغان، ولكنه مصطفى كمال أتاتورك.

تم توجيه الاتهامات من قبل تاركان أولوك، المحامي من مدينة إزمير المطلة على بحر إيجة، والذي قال إن كولاجاسي كامل، أحد الشخصيات الرئيسية في الرواية التاريخية هو صورة مشوهة ورمزية لمؤسس تركيا، وتدور أحداث رواية "ليالي الطاعون" في مينجر، وهي جزيرة عثمانية خيالية متعددة الأعراق ومتعددة الأديان على بحر إيجه في عام 1901، عندما ضرب جائحة الجزيرة وفرضت إجراءات الحجر الصحي.

وقال أولوك في تصريحات لموقع المونيتور الأمريكي، موضحًا أنه قدم شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام في إزمير بعد فترة وجيزة من ظهور الرواية بناءً على مواد قانون العقوبات التي تحمي أتاتورك والرموز الوطنية لتركيا: "طالبنا بمنع هذه الرواية التي تهين أتاتورك والعلم التركي وإزالتها من على رفوف المكتبات على الفور"، وأحال ممثلو الادعاء في إزمير الملف إلى إسطنبول على أساس أن ناشر الرواية يقع مقره هناك وبعد إفادة صاحب البلاغ، قرر الادعاء العام عدم الملاحقة القضائية للأديب التركي.

وقال أولوك، الذي يعرّف نفسه بأنه قومي تركي قوي وكمالي عنيد: "استأنفنا بعد ذلك عدم الملاحقة القضائية، وحكمت محكمة ليلية في وقت سابق من هذا الأسبوع بعد دراسة الملف بإعادة فتح التحقيق" ولم يصدر حكم المحكمة حتى الآن، لكن المحامي الكمالي يؤكد نيته  في مواصلة القضية حتى النهاية.

خرج العديد من النشطاء والمحامين والفنانين والكتاب لتقديم دعمهم لباموك والتعبير عن غضبهم من التراجع عن قرار عدم الملاحقة القضائية، واصفين إياه بـ"العار". جاء رد الفعل الأول من عازف البيانو فاضل صاي وكتب على تويتر ونشر صورة لنفسه مع باموك عام 2005 "قرار عدم الملاحقة الذي صدر بحقه ينقض ويتم فتح تحقيق، إنه الجهل التام وهدم للثقافة وحرية التعبير، إن ما تم فعله ضد أحد أكثر المؤلفين شهرة في العالم يعود بنا إلى العصور المظلمة".

وقالت زينب أورال، رئيسة اتحاد كتاب تركيا، عن عدم تصديقها لإعادة فتح التحقيق، مع أورهان باموك؟ فقهاء القانون ليس أدباء ولا نقاد ولا يمكنهم فهم أساسيات الرواية، وهذا ما يسبب كل الأذى لهذا البلد".

تشير كلمات أورال إلى مؤلفين أتراك آخرين اضطروا لمواجهة القاضي للدفاع عن شخصيات روائية، ففي عام 2006، اضطرت الكاتبة إليف شفق للمثول أمام المحكمة للدفاع عن نفسها بتهمة "إهانة الهوية التركية" بسبب تعليق أدلت به إحدى الشخصيات في روايتها "لقيط إسطنبول"، وسرعان ما رفع كمال كرينكسيز، محامٍ قومي، دعوى ضد شفق بسبب ملاحظات شخصية ثانوية، وقال: "والدي هو برسام تشاخماخشيان، عمي الأكبر ديكران ستامبوليان، وكل شجرة عائلتي كانت شيئًا ما، وأنا حفيد الناجين من الإبادة الجماعية الذين فقدوا جميع أقاربهم في أيدي الجزارين الأتراك في عام 1915، ولكن تم غسل دماغي بنفسي لإنكار الإبادة الجماعية لأنني نشأت على يد تركي يُدعى مصطفى! "
كان كرينكسيز أيضًا الاسم الذي يقف وراء محاكمة باموك عام 2005 بتهمة "إهانة الهوية التركية" بقوله لمجلة سويسرية إن "مليون أرمني قتلوا في هذه الأراضي"، أسقطت القضية المرفوعة ضد باموك في الجلسة الأولى.

وعندما صدرت رواية "ليالي الطاعون" لباموك في مارس، انتقده العديد من النقاد الوطنيين والإسلاميين لما وصفوه بالشبه بين كامل وكمال أتاتورك، متهمين باموك بمحاولة كسب ود الغرب بمهاجمة تركيا وأتاتورك. وأخيرًا، أصدر ناشر الرواية بيانًا صحفيًا في أبريل ينفي فيه أن الكتاب يقلل من شأن أتاتورك، قائلاً إن كامل كان "شخصية بطولية لشعب جزيرة مينجر الخيالية".

وتضمن بيان الناشر بيانًا عن المؤلف قال فيه إن الرواية، التي عمل على كتابتها  طوال خمس سنوات، "لا تظهر أي ازدراء لأتاتورك والمؤسسين الأبطال للدول القومية التي تأسست من رماد الإمبراطورية"، بل على العكس من ذلك، كتبت الرواية باحترام وإعجاب لهؤلاء القادة البطوليين، وكما سيرى أولئك الذين يقرؤون الكتاب، فإن كامل بطل العديد من الفضائل التي يحبها الجمهور.

وعلق أورهان كمال جنكيز، محامي حقوق الإنسان على الدعوى الأخيرة قائلاً: " إنه لأمر مأساوي أن نقاضي الحائز على جائزة نوبل بسبب شخصيات في روايته، أو أن نحمله على التعليق أو إلقاء الضوء أو أن نرفض أي تشابه مع شخصيات في السلطة الآن أو في الماضي".


وفي مقابلة مع موقع Bianet الإخباري المستقل في أغسطس، قال باموق: "كامل يعارض السلطان والإقطاع والنظام القديم عندما يقول "تحيا الحرية"، إن المفهوم الأيديولوجي الأكبر والأكثر سحراً والأقوى هو الحرية. نحن نفهم أنه عندما ينادي كامل على الحشد في الساحة قائلاً "تحيا الحرية". هذا، بالطبع، يشير إلى نقص الحريات في تركيا اليوم ومن هنا نبعت الانتقادات للرواية".