الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

محمد كمال يكتب: مقترح لمبادرة مصرية سعودية

الرئيس نيوز

كتبت من قبل عن أهمية التعاون المصرى السعودى، وأن هذا التعاون الثنائى كفيل بملء فراغ القيادة فى العالم العربى فى وقت انتهى فيه زمن قيام دولة واحدة بهذا الدور. كما كتبت أيضا عما يحدث فى البحر الأحمر- الذى تطل عليه الدولتان- وكيف تحول إلى ساحة للتنافس، حيث قامت العديد من الدول- الكبرى والإقليمية- بمد نفوذها وتعزيز وجودها العسكرى به، وهو أمر سيكون له آثار بالغة على الأمن القومى المصرى. فهذه المنطقة تمثل البوابة الجنوبية لقناة السويس، ومن يتحكم فيها سيؤثر على حركة الملاحة بالقناة وعلى الأمن المصرى بشكل عام. البحر الأحمر يمثل أيضا نفس الأهمية الإستراتيجية للسعودية، كما أن رؤيتها 2030 تتضمن العديد من المشاريع الضخمة على سواحله، ومنها مشاريع مشتركة مع مصر.

منذ حوالى شهرين، وبعد اجتماع بين وزيرى الخارجية المصرى سامح شكرى والسعودى عادل الجبير على هامش لقاء اللجنة العربية المعنية بالقدس فى عمان، صادر بيان عن الاجتماع أكد على اتفاق الوزيرين على أن «أمن البحر الأحمر يعد امتدادا للأمن القومى العربى». اليوم، ومع زيارة ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان لمصر والتى سيتم فى إطارها مناقشة العديد من القضايا الثنائية والإقليمية، ومن بينها بالتأكيد أمن البحر الأحمر، يمكن أن تأخذ الدولتان خطوة أكبر للأمام بشأن هذا الموضوع، ويتم التفكير فى الإعداد لطرح مبادرة مشتركة (مصرية- سعودية) تستهدف «بحر أحمر مستقرا ومزدهرا»، ويكون أطرافها كل الدول المطلة على ساحله بالإضافة للدول المجاورة التى تعتمد عليه بشكل كبير مثل دول القرن الأفريقى وشرق أفريقيا، وكذلك الدول الكبرى التى يمر جانب كبير من تجارتها عبره، والتى أنشأ بعضها بالفعل قواعد عسكرية فى المنطقة..

هذه المبادرة الإستراتيجية يمكن أن تقوم على ثلاثة أركان رئيسية، الأول يتعلق بإعلان- أطرافها – الالتزام بحرية الملاحة فى هذا المجرى الدولى والمضايق المؤدية إليه، استنادا لقواعد القانون الدولى وقانون البحار، واحترام الحقوق الاقتصادية فى ثرواته استنادا للقواعد الدولية السابقة. الركن الثانى يقوم على تشجيع التعاون الاقتصادى بين هذه الدول وخاصة فى مجال البنية التحية مثل الطرق والموانئ والتى قد تساهم فى ازدياد حركة التجارة فى البحر الأحمر من ناحية، وارتفاع معدلات التنمية فى دولة من ناحية أخرى، وكذلك تشجيع التواصل والتفاعل بين شعوب هذه المنطقة. أما الركن الثالث فيتعلق بالتعاون الأمنى والعسكرى بين هذه الدول، وخاصة فى مجالات مكافحة الإرهاب والقرصنة، وتحسين قدرات الأمن البحرى، وتنفيذ مناورات مشتركة فيما بينها. وانطلاقا مما سبق يمكن التفكير أيضا فى إنشاء آلية مؤسسية تتيح الحوار والتنسيق والتعاون بين الدول التى تنضم لهذه المبادرة.

المؤشرات كثيرة على تزايد التنافس الدولى والوجود العسكرى بالبحر الأحمر وامتداده بالقرن الأفريقى وشرق أفريقيا، وهى منطقة تمثل عمقا استراتيجيا لمصر والسعودية، ولها تأثير كبير على أمنهما القومى، وكذلك على الأمن القومى العربى. والمسألة لا تتعلق فقط بتهديد حرية الملاحة، ولكن هناك أيضا تهديد للمشاريع الاقتصادية والتنموية التى أعلنت مصر والسعودية إنشاءها بمنطقة البحر الأحمر سواء بشكل منفرد، أو فى إطار التعاون المشترك بينهما.

تبنى مبادرة مصرية سعودية بشأن البحر الأحمر سوف يمثل نقلة نوعية فى التعاون بين البلدين، كما يمكنه أن يساهم فى تحويل هذه المنطقة إلى ساحة للاستقرار والتنمية بدلا من الصراع والفوضى.
نقلا عن المصري اليوم